ماذا بعد حرق الطالب من قبل زملاءه
بقلم الإعلامي العميد المتقاعد هاشم المجالي.……..
لقد طالعتُ في الأيام الخالية أخبارًا تقشعرّ لها الأبدان، وتنقبض لها النفوس، إذ وقع في بعض المدارس من الحوادث ما يندى له الجبين، وما تأباه الفطرة السليمة، من اعتداء الطالب على زميله، حتى أزهق نفسه وأحرق جسده، وكأن الرحمة قد نزعت من القلوب، أو كأن الرفق قد صار ضربًا من الوهم والخرافات، لا يعرفه الناس إلا في الكتب.
نعم إن مجتمع هؤلاء طلبة قد تحصل بينهم مثل هكذا حوادث لأنهم من بيئات مختلفة وهم قٌصَّر وجَهَلة ، ولكن ماذا نقول اذا وصلت الأمور أن يتعدى الطلبة على أساتذتهم ومعلمينهم ومدارسهم !!!
لقد رأينا إهتمام الدولة بنتيجة ما حدث مع الطالب الذي تم حرقة من قبل زملاؤه من زيارات وتبرعات وحبس مدير المدرسة وأذنها وكل ذلك فقط لإطفاء الغضب الشعبي وزيادة التعاطف مم الطالب المحروق ، ولكن أبن الحلول لمثل هكذا معاضل ؟؟ أين البرامج والمنظومات التي يجب أن تعالج مثل هكذا أزمات بالمستقبل .
وما زاد النفس لوعة، وملأ القلب حسرة، أن يطال هذا الشر المعلمين أنفسهم ولا تكترث وزارة التربية بضحايا المعلمين من تعديات الطلبة عليهم ، فإذا بالطالب يقف أمام أستاذه موقف الندّ للندّ، لا توقير لمقام العلم، ولا اعتبار لهيبة المربي، حتى غدت الفصول أشبه ما تكون بساحات الفوضى، لا نظام فيها ولا رادع، ولا عرف ولا وازع، وحتى الوزارة التي كان بجب عليها أن تعزز دور المعلم والمدير بالمدرسة والمجتمع صارت تعمل على العكس من ذلك حيث صرنا نراها تقزم دور المعلم وتميل مع أي شكوى من الطلبة بحق معلمينهم . وزارة متخبطة متقلبة صار همها فقط تنفيذ شروط المانحين لها من صندوق النقد الدولي او من المنظمة الماسونية العالمية التي بات وجودها واضحا ومؤثرا بتقديم المنح والمساعدات والبرامج من أجل تغيير المناهج والقيم والأخلاق العربية والإسلامية.
وهنا لا بد لي أن أتعجب مما يحصل في وطننا !! كيف يترك المجتمع أمر هذه الظواهر حتى تستفحل، فلا يُرَدّ للمعلّم اعتباره، ولا يُؤخذ على يد الظالم، وكأن الأخلاق قد انهارت، والقيم قد تهاوت، والعقوبات قد أُبطلت، حتى صار الصغير على الكبير جريئًا، والجاهل على العاقل متطاولًا؟
فيا قوم، إنّ الأمر جدٌّ لا هزل فيه، وإنّ المصيبة عظيمة إن نحن غفلنا عنها، فلا بدّ من ردّ الاعتبار للمدرسة، ومنحها السلطة التي تردع العابثين، ولا بدّ من قيام منظومة مجتمعية يكون فيها لأهل الحي والقرية شأن، يعيدون بها الضال إلى رشده، وينهون بها المنكر قبل استفحاله، فإن كان من الناس من لا تنفعه الموعظة، ولا تؤثر فيه الكلمة، فليكن للقانون حكمه، وللقضاء سلطانه، حتى يأمن الناس على أبنائهم، ويطمئن المربّون على مكانتهم، ولا يكون المجتمع مرتعًا للفساد، ولا مأوى للفوضى.
وإني، إذ أرفع هذه الكلمات، أرجو أن تجد لها آذانًا صاغية، وقلوبًا واعية، فما يُصلح المجتمع إلا العدل، وما يقيم بنيانه إلا التربية، وما يحفظ أمنه إلا التعاون، فليقم كلٌّ منا بما عليه، قبل أن يأتي يومٌ نندم فيه على تفريطنا، ولات حين مندم!
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.