✍️ *حكومتنا الرشيدة.. كيف تشترون أقلاماً.. دون أن نكلفكم حتى فنجان قهوة؟!..*
محمود الدباس ….
الكاتب الحقيقي ليس تاجراً.. قلمه ليس سلعةً معروضة لمن يدفع أكثر.. ولا هو ماكينة بيعٍ ذاتيٍّ.. تلقي فيها النقود.. فتُخرج لك ما يرضيك.. الكاتب صاحب الرسالة.. صوته يعلو.. حيث يكون الحق.. قلمه يسيل.. حيث تكون المصلحة العامة.. يكتب في النقد.. كما يكتب في الثناء.. وفي كلتا الحالتين.. لا يطلب جزاءً ولا مكافأة.. فقط أن تُصغِي الحكومة لما يُقال.. لا أن تتجاهل.. حتى لا تفسح المجال لمن يريدون أن تُشترى أقلامهم بثمن بخس..
يُقال.. إن الحكومة تتبع سياسة “التطنيش”.. والمراهنة على أن الكاتب الوطني سيتعب في النهاية.. سيتوقف عن الكتابة.. حين يدرك أن لا أحد يستمع.. *لكن الحقيقة مختلفة تماماً.. فالكاتب الذي يكتب للوطن لا يمل.. بل تزيده اللامبالاة إصراراً.. ويضاعف تجاهل الحكومة من حدّة قلمه*.. فيصبح النقد أكثر تركيزاً.. والطرح أكثر تأثيراً.. وحين يصل الكاتب إلى هذه المرحلة.. يبدأ المواطن بالاقتناع.. بأن الحكومة تُدير ظهرها لمطالب الناس.. وأنها لا تُعير اهتماماً لصوت المنطق والعقل.. فتزداد الفجوة بينها وبين الشارع.. وتتحول المقالات.. من محاولات إصلاح.. إلى وقودٍ لغضبٍ شعبيٍّ متزايد..
وإذا كانت الحكومة تعتقد.. أن الصمت سيطفئ جذوة النقد.. فلتنظر إلى التجارب السابقة.. كم من قضية بدأت بمقالٍ يتيم.. ثم تحولت إلى رأي عام ضاغط.. حتى بات تجاهلها مستحيلاً؟!.. كم من مسؤولٍ تجاهل أقلام الكتّاب الوطنيين.. حتى وجد نفسه أمام أزمةٍ.. كان يمكن احتواؤها بكلمة واحدة؟!.. فلماذا لا تغيّر الحكومة نهجها؟!.. لماذا لا تجعل من هذه الأقلام الحرة.. جسراً بينها وبين المواطن.. بدلاً من أن تكون سيفاً مسلطاً عليها؟!.. *ليس عيباً.. ولا منقصةً.. أن تتبنى الحكومة بعض الطروحات.. التي يقدمها الكتّاب في قضايا عامة.. وليس ضعفاً أن تعلن أنها استمعت واستجابت لمطالب وطنيةٍ محقّة*.. بل على العكس.. سيجد الكاتب حينها.. أن صوته لا يضيع.. وسيتحول نقده إلى تصويب.. وسيتحول قلمه من مطرقة تهدم.. إلى معولٍ يُسهم في البناء..
ما الذي يضير الحكومة.. لو اجتمعت مع مجموعة من الكتّاب.. وممثلي المواقع.. الذين يطرحون قضايا جوهرية.. ووضعتهم في صورة المشهد الحقيقي؟!.. تشرح لهم أين تكمن الصعوبات؟!.. ما الذي يمكن تحقيقه.. وما الذي يتعذر؟!.. *وبدون حتى فنجان قهوة*.. فبدلاً من أن يكتب الكاتب.. بناءً على ظنونه وتحليلاته.. سيكتب بناءً على معطياتٍ حقيقيةٍ موثقة.. وسينقل للمواطنين الصورة كما هي.. دون تهويلٍ.. أو تزييف.. دون أن تتكلف الحكومة شيئاً.. سوى الصراحة والوضوح..
*إن كسب هذه الأقلام والمواقع الصادقة لا يحتاج إلى أموال.. ولا إلى امتيازاتٍ أو مغريات*.. بل يحتاج إلى الاحترام.. إلى الشعور بأن الكاتب ليس مجرد “مُشاغبٍ”.. يكتب للفت الانتباه.. *بل هو شريكٌ في المسؤولية الوطنية*.. وحينها فقط.. ستجد الحكومة أن ما كان يُكتب ضدها.. سيُكتب معها.. *لا لأن الأقلام بيعت.. بل لأن الحكومة أخيراً قررت أن تستمع*..
فالحكومة التي تتجاهل الحقيقة.. ستجد نفسها يوماً.. عاجزة عن تزييفها..
محمود الدباس – أبو الليث..
😇🙏🌷