الجزائر تتأسف للموقف الأمريكي الداعم لخطة الحكم الذاتي في الصحراء الغربية.. وتؤكد تمسكها بحق تقرير المصير للصحراويين

شبكة الشرق الأوسط نيوز : أبدت الجزائر أسفها على الموقف الأخير للخارجية الأمريكية الذي يعتبر مخطط الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية كحل أوحد لنزاع الصحراء الغربية. ويأتي هذا التطور في وقت تشهد العلاقات الجزائرية الأمريكية تقاربا خاصة فيما يتعلق بالتعاون الأمني والاقتصادي.

وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان لها أن “الجزائر تتأسف لتأكيد هذا الموقف من قبل عضو دائم في مجلس الأمن يفترض فيه الحرص على احترام القانون الدولي بشكل عام وقرارات مجلس الأمن بشكل خاص”.

وأبرز البيان أن الجزائر “تؤكد من جديد أن قضية الصحراء الغربية تتعلق بالأساس بمسار تصفية استعمار لم يستكمل ويحق في تقرير المصير لم يستوف والواقع أن الصحراء الغربية لا تزال إقليما غير متمتع بالحكم الذاتي بالمعنى الوارد في ميثاق الأمم المتحدة، ولا يزال شعب هذا الإقليم مؤهلاً لممارسة حقه في تقرير المصير على النحو المنصوص عليه في قرار الجمعية العامة 1514 (152) بشأن منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة”.

واعتبرت الخارجية الجزائرية أن “أي حياد عن هذا الإطار لا يخدم بالتأكيد قضية تسوية هذا النزاع، مثلما أنه لا يغير البتة من الحقائق الأساسية اللصيقة به والتي أقرتها وثبتتها الأمم المتحدة عبر جميع هيئاتها الرئيسية، بما في ذلك الجمعية العامة ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية”.

ويأتي هذا الموقف الجزائري تعقيبا على البيان الذي أذاعته الخارجية الأمريكية على موقعها إثر اللقاء الذي جمع وزير الخارجية ماركو روبيو مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في واشنطن.

وتضمنت المباحثات تأكيد الوزير الأمريكي، على أن “الولايات المتحدة تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية وتدعم مقترح الحكم الذاتي الجاد وذو المصداقية والواقعي الذي قدمه المغرب، باعتباره الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع”. وأشار إلى أن “الولايات المتحدة لا تزال تؤمن بأن الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية هو الحل العملي الوحيد”. وأكد الوزير مجددا “دعوة الرئيس ترامب للأطراف إلى الدخول في مفاوضات دون تأخير، باستخدام مقترح الحكم الذاتي المغربي كإطار وحيد للتوصل إلى حل مقبول للطرفين”. ولفت الوزير إلى أن “الولايات المتحدة ستُسهّل التقدم نحو هذا الهدف”.

وخارج خلاف الصحراء الغربية، تتجه العلاقات الجزائرية الأمريكية إلى تعزيز العديد من مجالات الشراكة الاستراتيجية، وفق ما طرحه مسؤولون جزائريون وأمريكان مؤخرا.

وكان قائد القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا “أفريكوم”، الفريق أول مايكل لانغلي، قد حلّ بالجزائر في كانون الثاني/ يناير الماضي، حيث تم استقباله من قبل الرئيس عبد المجيد تبون ورئيس أركان الجيش الفريق السعيد شنقريحة. وخلال تلك الزيارة، وقّع الجانبان “على مذكرة تفاهم في مجال التعاون العسكري بين وزارة الدفاع الوطني للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ووزارة الدفاع للولايات المتحدة الأمريكية”.

خارج خلاف الصحراء الغربية، تتجه العلاقات الجزائرية الأمريكية إلى تعزيز العديد من مجالات الشراكة الاستراتيجية

وصرّح السفير الجزائري لدى الولايات المتحدة، صبري بوقادوم، عقب ذلك، بأن الجزائر والولايات المتحدة بصدد وضع خطط تنفيذية قصيرة المدى لتعزيز شراكتهما الأمنية، مع إمكانية عقد صفقات تسليح، وذلك في إطار الاتفاقية الثنائية الجديدة التي تم توقيعها في يناير الماضي.

وأوضح بوقادوم، خلال لقاء مع صحافيين في السفارة الجزائرية بواشنطن في شهر آذار/ مارس، أن مذكرة التفاهم الجزائرية- الأمريكية تضع إطارا قانونيا للتعاون العسكري القائم منذ سنوات، مشيرا إلى أنها “تفتح الباب للعديد من المجالات المستقبلية”.

وأضاف أن تبادل المعلومات الاستخباراتية البحرية وصفقات شراء الأسلحة، تُعد من بين المجالات الأولى التي يسعى الطرفان إلى تعزيزها، إلى جانب التعاون في عمليات البحث والإنقاذ ومكافحة الإرهاب في منطقة الساحل وحولها.

وأكد السفير أن ممثلين عن البلدين يعملون على تشكيل ثلاث مجموعات عمل جديدة لتحديد خطوات تنفيذ مذكرة التفاهم. وعند سؤاله عن أولويات الجزائر في توسيع هذا التعاون العسكري، قال بوقادوم: “السماء هي الحد الأقصى”، في إشارة إلى الطموحات الكبيرة التي تحدو البلدين في هذا المجال.

وبعيدا عن التعاون الأمني، أشار السفير إلى أن الجزائر مستعدة لبحث فرص التعاون مع الولايات المتحدة في مجال الموارد الطبيعية والمعادن الأساسية المطلوبة عالميا، كما أكّد أن بلاده تمتلك بيئة مناسبة لاستضافة مراكز البيانات بتكاليف أقل مقارنة بالخيار المتاح حاليا.

وفي هذا السياق، أعلن في الجزائر شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، عن توقيع كل من الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات “النفط” وشركة “شيفرون” الأمريكية، على اتفاقية لإنجاز دراسة حول إمكانات موارد المحروقات في المناطق البحرية الجزائرية.

وتهدف هذه الاتفاقية، التي تمتد لمدة 24 شهرا، وفق بيان لوزارة الطاقة، إلى إنجاز دراسة معمقة لتقييم إمكانيات الموارد النفطية في المنطقة البحرية الجزائرية، كما تمثل خطوة استراتيجية لتعزيز التعاون بين الجزائر وشركة “شيفرون” في مجال الدراسات التقنية والجيولوجية، مما يمهد الطريق لمشاريع استكشاف وتطوير مستقبلية تهدف إلى تثمين موارد المحروقات الوطنية.

صبري بوقادوم: الجزائر والولايات المتحدة بصدد وضع خطط تنفيذية قصيرة المدى لتعزيز شراكتهما الأمنية، مع إمكانية عقد صفقات تسليح

وأبدت الجزائر والولايات المتحدة في الأيام الأولى لتنصيب ترامب من خلال هذه الاتفاقيات، روحا إيجابية في التعاون، أزالت التوجسات التي أثارها تعيين الرئيس الأمريكي لوزير خارجية (مارك روبيو) سبق له أن دعا لفرض عقوبات على الجزائر، بسبب مشترياتها من السلاح الروسي.

وخلال العهدة الأولى لترامب كانت العلاقات بين البلدين طبيعية، باستثناء الأيام الأخيرة من ولاية هذا الرئيس التي سعى فيها إلى فرض اتفاقيات أبراهام على الدول العربية من أجل التطبيع مع إسرائيل وهو ما عارضته الجزائر التي عبّرت على لسان رئيسها عن رفض منطق الهرولة للتطبيع على حساب القضية الفلسطينية.

وتميزت تلك الفترة بتوتر بين البلدين، بعد قرار ترامب الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية مقابل اعتراف الرباط بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها. وتدافع الجزائر كما هو معروف على حق الصحراويين في تقرير مصيرهم وفق مقررات الأمم المتحدة وتبدي رفضها المطلق لخطة الحكم الذاتي المغربية.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا