*فادي السمردلي يكتب: لا للمقارنة المضللة بين العصيان المدني وكورونا والطوارئ الجوية*
*بقلم فادي زواد السمردلي* ….
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️
من المثير للدهشة أن يُطرح البعض مقارنة بين مواقف استثنائية وظرفية، مثل ما حدث خلال جائحة كورونا أو إجازات الأعياد أو تعطيل الدوام بسبب الطوارئ الجوية، وبين مفهوم العصيان المدني فلا شك أن هذا الخلط لا يمكن قبوله بأي شكل من الأشكال، لأنه يشوه الفهم الصحيح للعصيان المدني ويخلط بين سياقات لا علاقة لها ببعضها البعض وعلينا أن نكون صريحين ما حدث في أوقات معينة خلال جائحة كورونا أو بسبب العواصف الجوية أو حتى في الأعياد ليس إلا مواقف مؤقتة لم تُمارس بهدف تعطيل الحياة أو الاقتصاد، بل كانت قرارات مدروسة استجابة لظروف استثنائية.
عند الحديث عن جائحة كورونا، عندما أُغلقت المدن والبلدان بالكامل، كان الهدف الأساسي هو الحفاظ على صحة المواطنين وحمايتهم من انتشار الوباء ورغم أن الحياة تعطلت مؤقتاً، إلا أن هذا لم يكن عصياناً مدنياً بأي حال من الأحوال كانت إجراءات استثنائية فرضتها الأزمة الصحية العالمية، وكانت الدولة تُدار بطريقة مسؤولة، حيث استمر العمل في مجالات حيوية بقدر الإمكان، وبدأت الحياة تعود تدريجياً عندما توافرت الظروف المناسبة فلم يكن هناك أي نوع من المقاومة أو التمرد ضد النظام، بل كان هناك اتفاق عام على ضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية.
أما في ما يتعلق بالأعياد أو الطوارئ الجوية، مثل تساقط الثلوج الكثيفة أو الظروف الجوية القاسية التي تتطلب إغلاق المدارس أو تعطيل بعض المؤسسات، فإن هذه قرارات تُتخذ استجابة لظروف خارجة عن إرادة المواطنين، هدفها الحفاظ على سلامتهم وتعطيل الدوام بسبب عاصفة ثلجية لا يعني أن هناك نية للإضرار بالاقتصاد أو تعطيل المؤسسات، بل هو إجراء احترازي مؤقت لا يتعدى حدود الحدث نفسه فهل يُعقل أن نسمّي ذلك عصياناً مدنياً؟ بالطبع لا فهذه مواقف لا علاقة لها بالتعبير عن الاحتجاج أو الرفض لنظام سياسي، بل هي استجابة لظروف طارئة تستدعي المرونة والتكيف مع الوضع القائم.
وبالنسبة لاستقبال المنتخب الوطني أو الاحتفال بإنجاز رياضي، مثل تعطيل العمل مبكراً أو إغلاق الشوارع لفترة قصيرة، فإن هذا لا يدخل ضمن إطار العصيان المدني فتلك لحظات فرح جماعي تُعبّر عن الانتماء الوطني، ولا يُقصد بها تعطيل الحياة اليومية أو شل الاقتصاد. حتى في هذه الحالة، لا يُعتبر تعطيل العمل أو إغلاق الطرق احتجاجاً على سياسة معينة، بل هو مجرد تعبير عن الفرح بالمناسبات الرياضية، مثل فوز المنتخب.
العصيان المدني هو حركة منظمة تهدف إلى إحداث تغيير سياسي وضرب الاقتصاد من خلال تعطيل العمل والمؤسسات بشكل منهجي ومقصود، وهو يختلف بشكل جذري عن أي مواقف أو سلوكيات تطرأ في الحياة اليومية نتيجة لظروف خاصة أو أحداث عابرة فلا يمكننا أن نساوي بين تعطيل يوم دراسي بسبب الثلج وبين عصيان مدني يهدف إلى زعزعة الاستقرار فالعصيان المدني هو عمل لضرب الوطن وإقتصاده واستقراره، بينما ما يحدث في الأعياد أو الطوارئ الجوية لا يتعدى كونه حالة مرونة اجتماعية لا تستهدف المساس بأركان الدولة أو مؤسساتها.
إن تشبيه هذه الحالات بالعصيان المدني هو خطأ جسيم ويعكس عدم الفهم الكامل للمفاهيم ويجب أن نكون حذرين من نشر مثل هذه المقارنات، لأنها قد تساهم في تشويش المفاهيم في أذهان الناس، مما يؤدي إلى خلق حالة من اللبس بين ما هو طعن للوطن وما هو مجرد تغيير مؤقت في الروتين اليومي.