*فادي السمردلي يكتب:اقصاء المعارضة السياسية وتخوينها داخل الأحزاب(٣٦/٧)*
*بقلم فادي زواد السمردلي* …..
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
*”مقالات دورية تُنشر كل أحد وثلاثاء وخميس، تتناول أسباب تُفشل الأحزاب(٣٦/٧)”*
ماذا يعني اقصاء المعارضة السياسية وتخوينها داخل الأحزاب؟
☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️
إقصاء المعارضة السياسية داخل الحزب وتخوينها هو سلوك يتسم بالقمع والتسلط على الأفكار المخالفة داخل المنظومات الحزبية، ويشكل تهديدًا كبيرًا لسلامة الحزب وتماسكه على المدى الطويل وهذا النوع من السياسات يشير إلى غياب التعددية داخل الحزب، حيث يتم تهميش أو استبعاد الأعضاء الذين يمتلكون وجهات نظر أو توجهات سياسية تختلف عن تلك التي تتبناها القيادة الحزبية فبدلًا من أن يُسمح بالمنافسة الحرة والنزيهة على منصات القيادة وصناعة القرارات، يتم اللجوء إلى طرق استبدادية لوقف تلك المنافسات، مما يؤدي إلى تعزيز الهيمنة الشخصية والسيطرة المطلقة للقيادة.
مظاهر الإقصاء داخل الحزب تتعدد وتشمل عدة أساليب غير ديمقراطية تساهم في قتل روح النشاط السياسي والابتكار داخل الحزب ومن أبرز هذه المظاهر هو منع الأعضاء المعارضين من الوصول إلى وسائل الإعلام أو المشاركة في الانتخابات الداخلية بحرية فالقيادة الحزبية، بدلاً من تشجيع الحوار والنقاش المفتوح بين الأعضاء، تلجأ إلى عزل أولئك الذين يعارضون قراراتها أو يطالبون بتغييرات جوهرية داخل الحزب وهذه الممارسات قد تشمل منعهم من إبداء آرائهم عبر القنوات الإعلامية، بل قد يتم فرض رقابة على الصحافة والاعلام داخل الحزب، مما يحد من قدرة المعارضين على نشر رؤاهم أو إيصال رسائلهم إلى باقي الأعضاء وإضافة إلى ذلك، في كثير من الحالات، يُمنع هؤلاء الأعضاء من الترشح في الانتخابات الحزبية أو تُلغى أصواتهم في المسابقات الداخلية، مما يجعلهم غير قادرين على التأثير في مستقبل الحزب.
أما تلفيق التهم وتشويه سمعة المعارضين فهو أسلوب آخر شائع في حالات الإقصاء السياسي فغالبًا ما تلجأ القيادات التي تشعر بتهديد من معارضيها إلى تهم خيانة أو فساد، إذ يتم تصويرهم على أنهم يعملون ضد مصلحة الحزب أو ينسقون مع أطراف خارجية لزعزعة استقرار الحزب وهذه التهم، التي غالبًا ما تكون لا أساس لها من الصحة، فلا تؤدي فقط إلى تدمير سمعة المعارضين، بل تهدف إلى خلق بيئة خوف وارتباك داخل الحزب فكل عضو معارض سيشعر أن الخطر يهدده وأنه قد يتعرض للملاحقة القضائية أو التهم الباطلة إذا تجرأ على الاختلاف مع القيادة.
كما أن استخدام وسائل غير ديمقراطية لتقويض نشاط المعارضين يعد من بين أبرز أساليب الإقصاء فقد تتضمن هذه الوسائل ممارسات مثل الترهيب أو العنف النفسي أو الجسدي، حيث يتم الضغط على المعارضين لإجبارهم على التراجع عن مواقفهم أو الابتعاد عن المشاركة في الأنشطة الحزبية وفي بعض الأحيان، قد يتم تعيين أفراد من القيادة الحزبية لمراقبة المعارضين، أو تُمارس ضغوط مالية أو اجتماعية لتهديدهم فهذه السياسات تؤدي إلى تدمير روح التضامن بين الأعضاء وتعزيز الاستبداد داخل الحزب، مما يؤدي إلى بيئة حزبية مشوهة تفتقر إلى الديمقراطية الحقيقية.
نتائج هذه السياسات الإقصائية تكون خطيرة للغاية بالنسبة للحزب أولًا، تؤدي هذه السياسات إلى إضعاف الحزب نفسه، حيث يُستبعد عن الساحة العديد من الأفراد ذوي الخبرة والقدرة على التفكير النقدي والتحليل فإذا كانت القيادة الحزبية تسعى إلى تطويع الأعضاء وفرض مواقف محددة، فإن ذلك يقتل التنوع الفكري الذي يعتبر عنصرًا حيويًا لتطور أي حزب سياسي وهذا، بدوره، يؤدي إلى غياب الأفكار الجديدة التي قد تساعد في تحديث الحزب وتحقيق أهدافه بما يتناسب مع احتياجات الواقع السياسي المتغير.
من جهة أخرى، يعزز إقصاء المعارضين الاستبداد داخل الحزب ، حيث تصبح السلطة مركزة في يد مجموعة ضيقة من الأفراد أو قائد واحد، مما يؤدي إلى تحوّل الحزب إلى أداة خاضعة لرؤية قائد واحد لا يقبل النقاش وهذه المركزية في السلطة تساهم في تدعيم استبداد القيادة وتقويض مبدأ الرأي والرأي الآخر والمشاركة السياسية في اتخاذ القرارات وعندما تُستبعد المنافسة الداخلية، يصبح الحزب عاجزًا عن تجديد نفسه وتطوير سياساته بشكل يتناسب مع التحديات الجديدة التي قد يواجهها.
إضافة إلى ذلك، تساهم هذه السياسات في زيادة الاحتقان بين الأعضاء، حيث يشعر الكثيرون منهم بأنهم لا يستطيعون التعبير عن آرائهم بحرية أو معارضة القرارات الخاطئة وهذا الاحتقان لا يقتصر على الأعضاء المعارضين فقط، بل يمتد إلى القاعدة الشعبية التي تشعر بأن الحزب لم يعد يمثل مصالحهم بشكل حقيقي، بل أصبح مجرد أداة في يد القيادة لتحقيق مصالحها وهذا يؤدي إلى تعزيز مشاعر الغضب والنفور من الحزب، مما قد يتسبب في تفكك داخلي أو في خروج جماعي لبعض الأعضاء المؤثرين.
في المحصلة، يخلق الإقصاء السياسي داخل الأحزاب بيئة غير صحية تحيد عن الممارسات الديمقراطية وتشجع على الاستبداد والتسلط وهذا يؤثر على قدرة الحزب على التفاعل مع تطورات المجتمع، ويجعله أقل قدرة على تحقيق أهدافه السياسية والاجتماعية، مما يساهم في تراجع شعبيته وفقدان مصداقيته.