*فادي السمردلي يكتب: تضييق الحريات الإعلامية والسياسية داخل الأحزاب(٣٦/١١)*

*بقلم فادي زواد السمردلي*  ……

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

*”مقالات دورية تُنشر كل أحد وثلاثاء وخميس، تتناول أسباب تُفشل الأحزاب.(٣٦/١١)*

ماذا يعني تضييق الحريات الإعلامية والسياسية داخل الأحزاب ؟
☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️

يعد تضييق الحريات الإعلامية والسياسية داخل الأحزاب من أبرز التحديات التي تواجه الديمقراطية الداخلية، حيث تسعى القيادات الحزبية المتنفذة إلى فرض سيطرتها على المشهد الإعلامي داخل الحزب، وذلك من خلال قمع وسائل الإعلام المعارضة والمعارضين وتقييد حرية التعبير، بهدف منع أي انتقاد قد يهدد استقرارها أو يكشف تجاوزاتها وتتنوع أساليب التضييق وفقاً لدرجة الانغلاق السياسي داخل الحزب، ففي بعض الحالات يتم فرض رقابة صارمة على الصحافة الحزبية، حيث تخضع جميع المواد المنشورة لمراجعة دقيقة من قبل لجان إعلامية أو قيادات حزبية لضمان عدم خروجها عن الخط الرسمي الذي رسمته القيادة وهذه الرقابة لا تقتصر فقط على وسائل الإعلام التقليدية مثل الصحف والنشرات الداخلية، بل تمتد أيضًا إلى المنصات الرقمية وصفحات التواصل الاجتماعي التابعة للحزب، حيث يتم حذف أو حجب أي محتوى يحمل آراء معارضة أو انتقادات للقيادة.

إلى جانب الرقابة، يتم استغلال الإعلام الحزبي ليكون أداة للدعاية والترويج للمواقف الرسمية لقيادة الحزب، بدلاً من أن يكون منبراً للنقاش والتعددية الفكرية وفي هذه الحالة، تتحول وسائل الإعلام إلى أبواق رسمية تخدم القيادات وتعمل على توجيه الرأي العام الداخلي وفقاً لمصالحها الخاصة، مما يؤدي إلى تضليل الأعضاء وحرمانهم من الاطلاع على وجهات نظر مختلفة كما تلجأ بعض القيادات إلى تشويه صورة المعارضين داخل الحزب، من خلال حملات إعلامية موجهة تستهدف تقويض مصداقيتهم واتهامهم بالعمالة أو السعي إلى شق الصف الحزبي، وهو ما يخلق بيئة عدائية تكرس الانقسام بدلاً من الحوار.

ومن الممارسات الأكثر خطورة، إغلاق أو حجب وسائل الإعلام المستقلة التي تعبر عن آراء الأعضاء بحرية ففي بعض الأحزاب، قد يتم منع بعض الصحف أو المواقع الإلكترونية المرتبطة بتيارات معارضة من النشر، أو يتم الضغط على الصحفيين والكتاب الحزبيين لمنعهم من تناول قضايا حساسة، مثل الفساد الداخلي أو سوء الإدارة وقد تصل الأمور إلى حد فرض عقوبات حزبية على الأعضاء الذين يعبرون عن آرائهم بحرية، مثل الفصل أو التجميد أو التهميش المتعمد داخل الحزب، مما يجعل الأعضاء في حالة من الخوف الدائم من التعبير عن أي وجهات نظر مخالفة.

وتؤدي هذه الممارسات القمعية إلى نتائج كارثية على الحزب نفسه.فعندما يتم تكميم الأفواه وتقييد حرية الإعلام، يتصاعد الغضب داخل الحزب، حيث يشعر الأعضاء بأنهم مهمشون وغير قادرين على التأثير في القرارات المصيرية فهذا الاحتقان الداخلي قد يتحول إلى أزمات سياسية داخلية حادة، تؤدي إما إلى انشقاقات داخل الحزب أو إلى حالة من الركود التنظيمي، حيث يصبح الحزب بحالة موت سريري غير قادر على استقطاب الكفاءات والقيادات الجديدة بسبب غياب حرية التعبير والمشاركة الفاعلة كما أن تضييق الحريات الإعلامية يفقد الحزب مصداقيته أمام الرأي العام، حيث يظهر بمظهر الحزب الاستبدادي الذي لا يسمح بتعددية الأصوات، مما يؤثر سلباً على شعبيته وفرصه في الانتخابات.

على المدى البعيد، يصبح الحزب عرضة للانغلاق والجمود الفكري، حيث تسيطر مجموعة محدودة من القيادات على مسار الحزب دون وجود رقابة حقيقية أو نقاش داخلي وهذا يؤدي إلى ضعف الأداء السياسي والتنظيمي، حيث تفشل القيادات في التعرف على المشكلات الحقيقية التي تواجه الحزب بسبب غياب النقد الداخلي، وبالتالي تتراكم الأخطاء حتى تصل إلى نقطة الانفجار كما أن التضييق على الإعلام الحزبي يقلل من فرص الحزب في تطوير سياساته بشكل ديمقراطي، حيث يتم قمع أي محاولات للإصلاح أو التجديد، مما يجعله غير قادر على التكيف مع التغيرات السياسية والمجتمعية.

في النهاية، يمكن القول إن حرية الإعلام والتعبير داخل الأحزاب ليست مجرد قضية داخلية، بل هي مؤشر على مدى ديمقراطية الحزب وقدرته على الاستمرار والتطور فالأحزاب التي تحترم التنوع الإعلامي وتسمح بالنقد الداخلي تكون أكثر قدرة على مواجهة الأزمات، بينما تلك التي تلجأ إلى القمع والتضييق سرعان ما تفقد حيويتها وتدخل في دوامة من الصراعات الداخلية والانشقاقات.لذلك، فإن تعزيز حرية الإعلام داخل الأحزاب ليس مجرد مطلب للأعضاء، بل هو ضرورة لضمان بقاء الحزب كقوة سياسية مؤثرة ومستدامة.

قد يعجبك ايضا