*فادي السمردلي يكتب:عدم الشفافية في التمويل الحزبي(٣٦/١٥)*
*بقلم فادي زواد السمردلي* ….
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
*”مقالات دورية تُنشر كل أحد وثلاثاء وخميس، تتناول أسباب تُفشل الأحزاب،(٣٦/١٥).”*
ماذا يعني عدم الشفافية في التمويل الحزبي؟
☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️
عدم الشفافية في التمويل الحزبي يمثل أحد أخطر التحديات التي تواجه الأنظمة الديمقراطية، حيث يؤدي الغموض في مصادر تمويل الأحزاب السياسية إلى خلق بيئة خصبة للفساد، ويجعل القرارات السياسية عرضة للتأثيرات الخارجية والمصالح الخاصة بدلاً من أن تكون نابعة من إرادة المواطنين فتعتمد الأحزاب السياسية على التمويل لضمان استمرار نشاطها، ولكن عندما يكون مصدر هذا التمويل غير واضح أو غير معلن، فإن ذلك يثير تساؤلات عديدة حول مدى استقلالية الحزب، وأهدافه الحقيقية، ومدى التزامه بخدمة المصلحة العامة وفي كثير من الحالات، تلجأ الأحزاب إلى تلقي تبرعات مالية غير معلنة من رجال أعمال أو شركات كبرى، مقابل منحهم امتيازات اقتصادية أو عقود حكومية، مما يؤدي إلى تغلغل المصالح الخاصة في القرارات السياسية على حساب العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة والأخطر من ذلك، أن هذه النوعية من الأحزاب قد تحصل على تمويل من جهات أجنبية، مما يهدد السيادة الوطنية، إذ يمكن أن تصبح هذه الأحزاب أدوات لتنفيذ أجندات خارجية تتعارض مع المصالح الوطنية.
إحدى أبرز مظاهر عدم الشفافية في التمويل الحزبي هي غياب الرقابة المالية الفعالة، حيث لا توجد تقارير مالية دورية حقيقة توضح حجم الأموال التي يتلقاها الحزب أو كيفية إنفاقها، مما يسمح باستخدام هذه الأموال في شراء الولاءات السياسية، سواء من خلال استقطاب شخصيات مؤثرة أو تمويل حملات انتخابية بطرق غير قانونية كما أن بعض الأحزاب قد تلجأ إلى إنشاء شبكات اقتصادية سرية، من خلال مشاريع تجارية أو منظمات غير حكومية وهمية، بهدف جمع الأموال بطرق يصعب تتبعها وفي بعض الدول، يصل الأمر إلى أن تصبح السياسة ساحة مفتوحة لأصحاب النفوذ المالي الذين يسيطرون على الأحزاب، ويمارسون ضغوطًا تجعلها تعمل لصالح مصالحهم الخاصة، بدلاً من خدمة المواطنين.
النتائج المترتبة على عدم الشفافية في التمويل الحزبي كارثية، حيث يؤدي ذلك إلى فتح المجال أمام الفساد السياسي، إذ يصبح المال هو المحرك الرئيسي للقرارات السياسية، وليس المبادئ أو البرامج الانتخابية كما أن الأحزاب التي تعتمد على التمويل غير الشفاف تفقد استقلاليتها تدريجيًا، حيث تصبح مرهونة بأجندات مموليها، مما يقلل من قدرتها على تبني سياسات تخدم الصالح العام وإضافة إلى ذلك، فإن غياب الشفافية يزيد من نفوذ رجال الأعمال وأصحاب المصالح داخل الحزب، حيث يصبح لديهم سلطة غير مباشرة على التشريعات والسياسات العامة، مما يضعف الدولة أمام نفوذ المال السياسي ومن الناحية الاجتماعية، يؤدي هذا الوضع إلى تراجع ثقة المواطنين في الأحزاب السياسية، حيث يشعر الناس بأن قرارات الأحزاب لا تعكس احتياجاتهم الفعلية، بل تخدم مصالح ضيقة، مما يؤدي إلى عزوف المواطنين عن المشاركة السياسية، وتنامي مشاعر الإحباط تجاه النظام السياسي برمته.
لمواجهة هذه الظاهرة، يجب على الحكومات وضع قوانين وأنظمة صارمة تلزم الأحزاب بالكشف عن مصادر تمويلها والتاكد من إن المعلن هو الحقيقي، ونشر تقارير مالية شفافة، إضافة إلى تعزيز دور الجهات الرقابية المستقلة لضمان عدم استغلال التمويل لأغراض غير مشروعة كما يجب فرض عقوبات رادعة على أي حزب يثبت تلقيه تمويلًا غير قانوني، لضمان أن تبقى الأحزاب أداة ديمقراطية حقيقية، وليس مجرد وسيلة لتحقيق مصالح فئوية ومن جانب آخر، فإن توعية المواطنين حول أهمية الشفافية في التمويل الحزبي، وتعزيز دور الصحافة والإعلام في كشف أي تجاوزات، يمثلان عنصرين أساسيين في الحد من هذه الظاهرة إن تحقيق الشفافية في التمويل الحزبي ليس مجرد مطلب قانوني، بل هو شرط أساسي لضمان نزاهة العملية السياسية، وحماية الديمقراطية من التلاعب والفساد، مما يعزز ثقة المواطنين في النظام السياسي، ويضمن أن تبقى الأحزاب أداة للتغيير الإيجابي، لا وسيلة لخدمة مصالح خفية.