الأخطار التي تُحدق بالأردن

بقلم: الإعلامي العميد المتقاعد هاشم المجالي  …..

 

إن من أصدق ما يُقال في وصف حال هذا الوطن، أنه يسير فوق جمرٍ متّقد، قد يشتعل في أية لحظة، فيأتي على ما بقي من أمانه واستقراره. وما ذاك إلا لأننا نغضّ الطرف عن علله، ونُعرض عن دائه، كأننا لا نراه، ولا نعلم به، فإذا بنا نُخادع أنفسنا ونُمنّيها بالأمان، وهي على شفا جرفٍ هارٍ.

إن الاعتراف بالمشكلة أولى خُطى الحل، وإن إنكارها ليس إلا ضربًا من المكابرة، لا يورثنا إلا خُسرانًا وندمًا. أما آن لنا أن نقرّ بأن في إدارة اقتصادنا خللاً كبيرًا، جرّ الفقرَ إلى دورنا، وجعل البطالة تطوف بأحيائنا، وجعل من المواطن مَدينًا مهددًا بالسجن، يئن تحت وطأة الأسعار التي ترتفع، والرواتب التي لا تتحرك، وكلفة المعيشة التي لا ترحم؟

ثم أما آن لنا أن نعترف بأننا نفتقر إلى التخطيط السليم، وأننا نخوض غمار المستقبل بلا خارطة طريق، لا خطة خمسية تُرشدنا، ولا عشرية تهدينا، وكأننا نسير في ليلٍ حالكٍ بلا نجوم؟!

وهل يغيب عن أحدٍ أن كثيرًا من مسؤولي الخدمة العامة ليسوا أهلًا لما وُكّل إليهم، بل وصلوا إلى مناصبهم بالوساطة، أو بالوراثة ، فلا يبتغون وجه الوطن، بل وجه الناس وحجم ارصدتهم؟ يطلبون الشعبية الرخيصة، ويخافون من المواجهة ومرعوبين من اتخاذ القرارات المصيرية ، خشية أن يصطدموا بأولئك المنتفعين من فوضى البلاد، الذين إذا اشتدّ المطر، ارتفعت أرصدتهم، وتهيّأوا للفرار إلى حيث أقاماتهم الدائمة خارج الوطن! هؤلاء الذين هم يحملون بطاقات السفر سنوية الدائمة والمتجددة على خطوط طيران عمان لندن وباريس وامريكا وكل دول اروربا بينما جماهير من غالبية الشعب الأردني غير قادرين على شراء بطاقات الباص السريع من مجمع رغدان إلى مجمع الشمال او الجنوب .

وليس هذا وحسب، بل إنّا نفتقر إلى رقابةٍ قويةٍ عادلة، لا تتزعزع أمام العواصف، ولا تُعطّلها الأهواء. رقابةٌ يُعينها القانون ويحميها، فتُصلح وتُقوّم، وتمنع الانحراف قبل وقوعه.
كذلك نفتقر إلى برلمانات ومجالس نيابة مستقلة بقراراتها ومستقرة بوجودها وتتصف بالنزاهة والأمانة والشفافية .
أما عن الخطر الخارجي، فإني أقول، كما يقول الأردنيون، نحن لا نخشى العدو، ولا نهاب من يواري حقده بثوب الصداقة. فإن هم نالوا منّا، فليس لهم منا إلا الثبات والصبر والجهاد، حتى يكون النصر أو الشهادة، وما النصر إلا من عند الله.

وفي الختام، أرفع رجائي إلى سيد البلاد، جلالة الملك عبدالله الثاني، أن يُعيد النظر في منظومة الإدارة، وأن يُجدد دماءها، ويبعث فيها روح الإصلاح، ويهيّئ لها من الأدوات ما يجعلها أهلاً لصون الوطن، وحفظ الشعب، علّه يرى بعينه، ونرى نحن، أمانًا طال اشتياقنا إليه.

قد يعجبك ايضا