*فادي السمردلي يكتب؛ هيئة الإعلام تحجب مواقع مسيئة دفاعاً عن الأردن*

*بقلم فادي زواد السمردلي*  …..

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

في ظل ما يشهده العالم من انفلات إعلامي وتضخم في منصات التضليل والتشويه ضد الاردن، يأتي قرار هيئة الإعلام الأردنية بحجب عدد من المواقع الإلكترونية الخارجية التي تجاوزت حدود النقد المهني والأخلاقي، كخطوة وطنية جريئة تستحق الإشادة والدعم فهذه المواقع لم تكتفِ بممارسة حرية التعبير في إطارها الطبيعي، بل انزلقت إلى مربع الإساءة الممنهجة والتحريض الرخيص على الأردن ومواقفه الثابتة، في محاولة مكشوفة لزعزعة ثقة الأردنيين بدولتهم، وتشويه صورة الوطن في الخارج إن قرار الهيئة لم يكن مجرد رد فعل عابر على إساءة أو افتراء، بل كان تعبيراً عن وعي سيادي عميق بضرورة حماية الأردن من الأبواق المشبوهة التي تسعى للنيل من أمنه الفكري والاجتماعي والسياسي.

القرار يمثل تأكيداً واضحاً بأن حرية التعبير التي نؤمن بها ونحترمها، لا تعني إطلاق العنان للفوضى أو القبول بأن تتحول بعض المنصات إلى أدوات تحريض وهدم ممنهج فمن حق الدولة أن تصون فضاءها الإعلامي من السموم، كما من واجبها أن تحمي وعي مواطنيها من التضليل الممنهج المتعمد وهذا القرار لا يُعدّ تقييداً للحريات، بل هو ممارسة راشدة للسيادة الوطنية ورفض قاطع لأي محاولة خارجية للتأثير السلبي على الرأي العام الوطني.

ومع أهمية هذا القرار، إلا أن المرحلة التي نمر بها تفرض علينا التفكير بمستوى أعمق وأكثر شمولاً فالحرب الإعلامية لم تعد تُخاض فقط عبر المقالات أو التقارير، بل باتت تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، والحملات المنظمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتوظيف المؤثرين المدفوعي الأجر لضرب الثقة بمواقف الدولة ومؤسساتها. ولهذا، لم يعد كافياً أن نكتفي بإجراءات قانونية أو إدارية، بل لا بد من تطوير أدواتنا الإعلامية، والارتقاء بخطابنا ليواكب هذا التحدي الجديد.

علينا أن نُبادر إلى وضع استراتيجية إعلامية وطنية شاملة، تُشارك فيها جميع الأطراف: الحكومة، القطاع الخاص، النقابات، الإعلام المهني، والمجتمع المدني، لخلق منظومة إعلامية متكاملة تستطيع التصدي للأكاذيب والإشاعات، وتقديم صورة حقيقية عن الأردن، مستندة إلى المعلومة والدقة والمصداقية ويجب أن تقوم هذه الاستراتيجية على أسس متينة من التحديث الرقمي، وتدريب الكوادر الإعلامية، ودعم منصات وطنية قادرة على إيصال صوت الأردن إلى الخارج بنفس الحرفية والاحتراف التي تُدار بها حملات التشويه ضدنا.

كما أننا بحاجة إلى تعزيز الثقافة الإعلامية لدى المواطن، وتمكينه من التمييز بين الإعلام المهني والإعلام المشبوه، حتى لا يكون فريسة للمنصات التي تتعمد خلط الحقائق وتزييف الوعي. ومن الضروري أيضاً دعم مؤسسات الإعلام الوطني المستقل، وتوفير الحاضنات الإعلامية للشباب، والاستثمار في الجيل الجديد من الصحفيين والمبدعين الذين يستطيعون أن يكونوا سفراء حقيقيين لصورة الأردن، وأن يتصدوا لكل من يحاول المساس بسيادته أو كرامته.

وفي الختام، فإن قرار هيئة الإعلام يجب أن لا يكون نهاية التحرك، بل بداية لخطة عمل وطنية متكاملة، تتضمن محاسبة كل من يسيء إلى الأردن ومواقفه وثوابته، أينما كان، وبأي وسيلة كانت لقد آن الأوان لأن نؤمن بأن الإعلام ليس فقط أداة تواصل، بل هو سلاح استراتيجي في معركة الوعي والسيادة، وإذا لم نُحسن استخدامه وتطويره، فسيظل وطننا عرضة للاستهداف من قِبل أدوات لا تؤمن بالحق، ولا تلتزم بالأخلاق.

قد يعجبك ايضا