*فادي السمردلي يكتب:لقد أوقعونا في الفخ*
*بقلم فادي زواد السمردلي* ….
*#اسمع_وافهم_الوطني_أفعال_لا_أقوال*
☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️🫵☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️
لم يكن الفخ مصيدةً عشوائية وقعنا فيها بضعف تقدير، ولم يكن مجرد خطأ في الحسابات يمكن تصحيحه بسهولة لقد كان كمينًا مُحكمًا، صنعه بعض الذين تسلّلوا إلى المشهد بوعودٍ براقة، وشعاراتٍ خلّابة، حتى بدوا وكأنهم المنقذين الذين طال انتظارهم، فإذا بهم يتحولون إلى صُنّاع الأزمات لا حلولها.
لقد أوقعونا حينما قدّموا أنفسهم على أنهم مختلفون، أقنعونا أنهم ليسوا كمن سبقهم، فكان أول الفخاخ أنهم جعلونا نصدّق أن مشكلتنا كانت فقط في الأشخاص، وليس في المنظومة نفسها، أو في طريقة الاختيار التي تجعلنا نعيد إنتاج الأخطاء ذاتها.
لقد أوقعونا حينما استغلّوا حاجتنا إلى التغيير، فأظهروا أنفسهم رموزًا للإصلاح، تحدّثوا بلغةٍ تشبه لغة الشارع، رفعوا الشعارات التي تُخاطب مشاعرنا، لكنهم لم يقدّموا حلولًا حقيقية، ولم يكن في أجنداتهم سوى الوصول إلى السلطة، ثم البقاء فيها بأي ثمن.
حينما وصلوا، كشفوا عن حقيقتهم تدريجيًا، لم يأتوا ليبنوا، بل جاؤوا ليتحكموا، لم يكن هدفهم تصحيح المسار، بل الاستمرار في المشهد، ولو كان ذلك على حساب كل من وثق بهم.
لقد أوقعونا لأننا، لم نبحث في ماضيهم، لم نتفحّص سجلّاتهم، لم نختبر مدى صدق وعودهم، بل أخذنا الأمور بظواهرها، فصفّقنا لهم، ووضعناهم في مواقع القرار، وعندما بدأت الحقيقة تتكشف، كان الأوان قد فات.
فكيف أوقعونا في الفخ؟
– ببيع الوهم فقدّموا حلولًا سحرية لمشكلات معقدة، أوهمونا أن كل الأزمات السابقة كانت بسبب غيابهم، وأن حضورهم وحده كفيل بتغيير الواقع، بينما لم تكن لديهم أي خطط حقيقية سوى الاستحواذ على مزيدٍ من السلطة والنفوذ.
– بالتلاعب بالمخاوف فأقنعونا أن أي تغيير آخر هو تهديدٌ لاستقرارنا، وأن البدائل المتاحة أسوأ، فتمسّكنا بهم لا حبًّا، بل خوفًا من القادم، وهو ما منحهم مزيدًا من الشرعية والمشروعية للاستمرار.
– بشراء الولاءات فلم يكن الدعم لهم نابعًا من قناعةٍ حقيقية، بل بُني على مصالح متبادلة، فرأينا كيف تحول بعض “المناضلين” إلى مدافعين شرسين عنهم، ليس لأنهم الأفضل، بل لأنهم الأكثر سخاءً في توزيع الامتيازات والمناصب.
– بإقصاء الأصوات الناقدة فكل من حاول كشف حقيقتهم، تمّ إخراجه من المشهد أو شيطنته، صُنّف بأنه حاقد، حتى أصبح من الصعب على الناس التمييز بين النقد البنّاء والتشويش المدفوع.
– بإرهاق الجميع بالأزمات فكلما انكشفت حقيقتهم، خلقوا أزمةً جديدة تبعد الأنظار عن فشلهم، وتحرف النقاش العام نحو قضايا جانبية، ليبقوا هم في مواقعهم، فيما يبقى الناس منشغلين بلملمة تداعيات الكوارث التي أنتجوها.
لكن هل المشكلة فيهم وحدهم؟ أم أن هناك مسؤوليةً تقع علينا أيضًا؟
لقد أوقعونا، نعم، لكننا نحن من سمحنا لهم بأن يفعلوا ذلك. نحن من لم نتعلّم من أخطائنا السابقة، نحن من لم نطرح الأسئلة الصحيحة، نحن من لم ندقّق في التفاصيل، ولم نبحث عن الحقيقة وراء الخطابات العاطفية التي خدعتنا بها الأوهام.
اليوم، ونحن نعيش تداعيات هذه الاختيارات، علينا أن نتساءل:
– هل سنتعلم؟
– هل نعيد النظر في كيفية الاختيار ؟
– هل سنتوقف عن تصديق الأكاذيب المعلّبة؟
– هل سنعود إلى النقطة ذاتها، نمنح الثقة لمن يتقن خداعنا أكثر، ثم نعود لنقول لقد أوقعونا في الفخ؟
التاريخ يخبرنا أن الذين لا يتعلمون من أخطائهم، يُعاد خداعهم بطرقٍ أكثر احترافية. والسؤال الذي يجب أن نواجهه اليوم هو هل سنكون مختلفين هذه المرة والمرات القادمة ؟ أم أننا سنواصل الدوران في الحلقة ذاتها، فقط بأسماءٍ ووجوهٍ جديدة؟