رؤية 2030 للأمير محمد بن سلمان والتي أذهلت ترمب

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات  …..

 

بعد أن كانت قد دقت ساعة الولايات المتحدة الأمريكية على التوقيت السعودي، كل أميركا في العاصمة الجميلة الرياض يتقدمها الرئيس دونالد ترمب، وكل قادة دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض لقمة أميركية خليجية شملت أهتماماتها المنطقة، كل العرب وكل العالم يتكلمون عن الرياض، وفي طليعتهم الكبار، منفتح على الرياض ويجد فيها موقعاً لحل مشكلاته بالحوار، شيء من صنع الأحداث، وشيء من تيسير إدارة الأحداث، والحدث الكبير أخيراً ليس موسم التريليونات الذي حان قطافه في رحلة ترمب إلى السعودية وقطر والإمارات العربية بمقدار ما هو تصور حال العالم العربي بعد توظيف هذه الأرقام الفلكية في صنع المستقبل، واللافت ليس فقط إختيار الرئيس الأميركي دونالد ترمب القيام بأول زيارة خارجية له في الولاية الثانية إلى السعودية وقطر والإمارات العربية بل أيضاً كون ذلك انعكاساً لأنتقال قيادة العالم العربي إلى العاصمة الجميلة الرياض، ومع تعدد طبعات الكلام على شرق أوسط جديد، فإن ترمب أستخدم تعبيراً معبراً جداً : شرق أوسط مستقر، وما يتطلبه الإستقرار هو عملياً ما يتطلبه الأزدهار والأمن والسلام، وهذا معنى الشراكة الإستراتيجية بين أميركا والسعودية وقطر والإمارات، شراكة تتضمن صفقات أسلحة بمئات مليارات الدولارات لحماية السلام والأستقرار والأمن والازدهار، وشراكة في صنع المستقبل وتوطين الذكاء الأصطناعي في مركز جديد في المملكة العربية السعودية الشقيقة، والأنتقال من إستخدام التكنولوجيا إلى معرفة صنعها والمساهمة فيه، فضلاً عن الإستثمارات الواسعة في كل مجال بحيث يعتمد الناتج القومي على النشاطات الإقتصادية ألتى تتجاوز الدخل النفطي، ولا أحد يجهل ما على الطريق من تحديات، فالفرص الكبيرة تحيط بها الأخطار القديمة والجديدة، والصورة الوردية في القراءة الأولى للأحداث تدور حولها صور مقلقة في القراءة الثانية، بعض المطلوب من سوريا صعب ومحرج بالنسبة إلى الرئيس أحمد الشرع، فهو تحرك سريعاً بنشاطاً عربياً وحظي بدعماً سعودياً وتركياً فتح أمامه باب أميركا، لكن خطواته في الداخل بطيئة، والقدرة على تطبيق شعاره ” سوريا لكل السوريين ” من كل الطوائف والإثنيات والتوجهات هو التحدي المباشر أمامه، ويبقى المطلوب من رئيس الجمهورية اللبنانية جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام والحكومة والمجلس النيابي الذي يبدو متعثراً بالنسبة إلى سحب السلاح من حزب الله ومحل تعقيدات بالنسبة إلى السلاح الفلسطيني لدى فصائل خارج منظمة التحرير الفلسطينية وهذا ما يعرقل بداية الأزدهار والأستقرار والأمن والأمان، وخيوط اللعبة ليست جميعاً في يد ترمب، فإسرائيل تلعب بالمنطقة وتلاعب أميركا، وتوحي لا فقط أنها لن تنسحب من أراضي تحتلها في لبنان وسوريا بل أيضاً أنها تخطط لضم الضفة الغربية حتى لو تطلب ترحيل سكانها إلى الأردن، وإنهاء حرب غزة مسألة أشد تعقيداً من أقتراحات الوسطاء، أما إيران ألتي كنت في زيارة لعاصمتها الجميلة طهران قبل أسبوعين فإنها تتصرف على أساس أن صفقة نووية مع أميركا تترك لها النفوذ الإقليمي، في حين يطالب ترمب بوقف طهران للحروب بالوكالة عبر أذرعها، وتركيا تعرف ماذا تفعل بالهدية الأولى ألتي جاءتها بسقوط نظام الأسد، لكنها حائرة في ما عليها فعله بعد الهدية الثانية، وهي إعلان حزب العمال الكردستاني حل نفسه وتسليم السلاح، لكن الدنيا تغيرت على رغم ذلك، وإذا تبدلت الأحوال جملة فكأنما تبدل العالم من أصله” كما قال ابن خلدون”، والجديد في القيادة السعودية برؤية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله ورعاه للعالم العربي اليوم هو القطع مع قيادات سابقة أخذت العرب إلى الحروب والهزائم والفقر، والتوسع في أزدهار الخليج ليشمل كل العواصم العربية، فالأزدهار يكون شاملاً أو لا يكون، ذلك أن ما رافق المراحل الماضية في السياسات الأميركية والأوروبية كان التركيز على الصراع الجيوسياسي والإستراتيجي بين ثلاث قوى إقليمية تلعب على المسرح العربي هي إيران وتركيا وإسرائيل من دون إعتبار جدي لوزن العالم العربي وحجمه الإقتصادي وموقعه المؤثر ودوره في أي نظام أمني إقليمي أو نظام عالمي، لكن هذا الواقع اللاواقعي بدأ يتغير، فليس على المسرح العربي فراغ تتصارع القوى الإقليمية الثلاث على ملئه، لأن القوة العربية صارت حاضرة، ولا شيء إسمه نظام أمني إقليمي على حساب النظام الأمني القومي العربي، أما الزخم الكامل للقوة العربية فإنه يحتاج إلى إخراج لبنان وسوريا والعراق واليمن والسودان وليبيا من أزماتها لمعاودة النمو الإقتصادي وبناء الدول، وهذا ما كان على طاولة البحث في العواصم الرياض والدوحة وأبو ظبي، وليس أمراً عادياً أن يقرر ترمب رفع العقوبات عن سوريا بناءً على طلب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ويستقبل بمعيته الرئيس أحمد الشرع، ولا كان لبنان غائباً عن المداولات إلى جانب قضايا غزة و”حل الدولتين” والصراع في السودان واليمن، لهذا كما قلنا من قبل فإن الجديد في القيادة السعودية للعالم العربي هو القطع مع قيادات سابقة أخذت العرب إلى الحروب والهزائم والفقر وعدم الإستقرار، والتوسع في أزدهار الخليج ليشمل كل العواصم العربية، فالأزدهار يكون شاملاً أو لا يكون.

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات

قد يعجبك ايضا