*فادي السمردلي يكتب:الوعود الانتخابية المضلِّلة تهدم الثقة بالأحزاب(٣٦/٢٠)”*

*بقلم فادي زواد السمردلي*  …..

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

*”مقالات دورية تُنشر كل أحد وثلاثاء وخميس، تتناول أسباب تُفشل الأحزاب.(٣٦/٢٠)”*

ماذا يعني الوعود الانتخابية المضلِّلة؟
☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️

الوعود الانتخابية غير الواقعية أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الديناميكيات السياسية في العديد من الأحزاب، حيث أصبح استخدام الشعارات الجذابة والتعهدات الكبيرة أسلوبًا شائعًا بين المرشحين في محاولاتهم لكسب أصوات الناخبين فهؤلاء السياسيون لا يقومون بعرض برامج إصلاحية عملية ومدروسة، بل يعتمدون بشكل رئيسي على وعود بعيدة عن الواقع، مثل “توفير مليون وظيفة خلال عام واحد” أو “تحقيق مستوى معيشة مرتفع لجميع المواطنين في فترة قصيرة”، دون النظر إلى مدى قدرة الحكومة على تنفيذ هذه المشاريع فهذه الوعود الكبيرة ليست مجرد تعبير عن الطموح، بل هي غالبًا ما تكون مجرد أداة للاحتفاظ بجذب الناخبين في فترة الانتخابات وغالبًا ما تكون هذه الشعارات فارغة من أي مضمون أو تفاصيل واقعية أو آليات محددة لتنفيذها، مما يخلق لدى المواطنين توقعات غير منطقية وأمالًا غير قابلة للتحقيق.

الجانب الأكثر إشكالية في هذه الوعود هو عدم دراسة الموارد المتاحة أو إجراء تقييم شامل للقدرة على تنفيذ هذه المشاريع. ففي أغلب الأحيان، يطلق السياسيون وعودًا ضخمة دون الأخذ بعين الاعتبار الموازنة العامة، والقدرة الإنتاجية للاقتصاد، أو الموارد البشرية والفنية المتاحة فعلى سبيل المثال، قد يعد البعض بتوسيع القطاع العام بشكل غير واقعي دون دراسة تأثير هذا التوسع على الاقتصاد الوطني أو على مستوى الخدمات المقدمة أو قد يعدون بتقديم دعم مالي هائل للمواطنين دون أن يأخذوا في اعتبارهم قدرة الحكومة على تحقيق هذه الوعود في ظل التحديات الاقتصادية التي قد تواجهها وهذا يؤدي إلى حالة من التضليل المتعمد أو غير المدروس للناخبين، حيث يجد المواطنون أنفسهم في مواجهة مع واقع صعب بعد الانتخابات، إذ يكتشفون أن هذه الوعود لم تكن سوى عبارة عن وعود فارغة.

إضافة إلى ذلك، يلجأ العديد من السياسيين إلى استخدام العواطف بدلًا من الأرقام والخطط المدروسة لجذب الناخبين، ويعتبرون أن أسلوب التحفيز العاطفي أكثر فاعلية في التأثير على الجمهور وهذا النوع من الدعاية السياسية يستغل الأزمات الاقتصادية أو الاجتماعية التي يعاني منها المواطنون، مثل الفقر، البطالة، أو تدني مستوى التعليم، ويعد بحلول سريعة وغير واقعية لمشاكل معقدة فعلى سبيل المثال، قد يلجأ السياسيون إلى خطاب ملهم يعتمد على إثارة مشاعر الحزن أو الغضب لدى الناس، مؤكدين على أنهم سيكونون قادرين على تغيير الواقع في وقت قصير، مما يثير الأمل في قلوب الناس ويساهم في حشد الدعم الانتخابي ولكن هذه الاستراتيجية لا تتعامل مع الواقع بل تتعامل مع المشاعر، وبالتالي عندما لا يتم الوفاء بالوعود، يتحول هذا الأمل إلى إحباط ويشعر المواطنون بأنهم قد تعرضوا للخداع.

لكن النتائج المترتبة على هذا النوع من الوعود غير الواقعية تكون أكثر ضررًا على المدى الطويل ومن جهة، يفقد الحزب أو المرشح الذي يطلق هذه الوعود مصداقيته بشكل سريع، خاصة عندما لا يحقق أي من هذه الوعود بعد توليه السلطة وهذا يؤدي إلى فقدان الثقة ليس فقط في الشخص أو الحزب الذي أطلق الوعود، بل في المنظومة السياسية ككل فالمواطن الذي انتخب بناءً على تلك الوعود يشعر بالإحباط ويشك في نزاهة العملية السياسية برمتها ومع تكرار هذا السيناريو، تبدأ ثقافة العزوف عن المشاركة السياسية في الانتشار بين المواطنين، حيث يرون أن الانتخابات مجرد دورة من الوعود الكاذبة التي لا تُنفذ، وأن أصواتهم لا تملك أي تأثير حقيقي في تغيير الواقع.

إضافة إلى ذلك، تنتشر ثقافة عدم المحاسبة بين السياسيين، حيث يعتادون على إطلاق وعود غير واقعية دون أن يتوقعوا أي مساءلة حقيقية عن عدم تنفيذها وفي حال غياب آليات رقابية فعالة من المؤسسات المستقلة أو وسائل الإعلام، يظل السياسيون قادرين على اللعب على وتر الأمل والتوقعات الشعبية دون أي عقاب فهؤلاء السياسيون يعلمون أن الحملة الانتخابية ستنتهي، وأنهم قد يفوزون في النهاية دون الحاجة إلى تقديم أي دليل أو تفاصيل حول كيفية تنفيذ وعودهم وهذا يخلق بيئة سياسية يهيمن عليها الفشل المستمر في الوفاء بالوعود ويقوض المساءلة والمحاسبة وفي النهاية، تصبح الانتخابات مجرد أداة للوصول إلى السلطة بدلًا من كونها وسيلة لتحقيق التنمية وتحسين حياة المواطنين ومع تزايد الخيبة والإحباط بين المواطنين، يعزز هذا النوع من السلوك السياسي من ضعف الثقة في الديمقراطية ويفتح الباب أمام الفساد والعداء بين الحكومة والشعب.

بذلك، يظهر أن الوعود الانتخابية غير الواقعية لا تؤدي فقط إلى تراجع مستوى المصداقية السياسية، بل تساهم أيضًا في نشر ثقافة سلبية تُضعف من فاعلية النظام الديمقراطي ككل، مما يضر بالمشاركة السياسية ويعزز الانقسامات في المجتمع.

قد يعجبك ايضا