*فادي السمردلي يكتب: أبو العُريف موسوعة الجهل المتنقلة !*

*بقلم فادي زواد السمردلي*  …..

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️

من أعجب عجائب الحياة الحديثة، ومن أكثر مفارقاتها سخرية، أن شخصية “أبو العُريف” برغم كل ما تحمله من ثرثرة فارغة وثقة خارقة بالجهل تتصدر المشهد بكل أريحية، بل وتُعامل أحياناً وكأنها عبقري الإدارة وقائد التنمية المهنية فتدخل إلى مقر العمل، فلا يكاد يمر يوم إلا وتراه متربّعاً في أحد المكاتب الأمامية، يحرّك يديه بثقة، ويهزّ رأسه كأنه يراجع خطط تطوير المؤسسة التي لا يفقه في طبيعتها أصلاً.المدير؟ قد يكون هو. المستشار؟ على الأغلب. أو على الأقل ذاك الموظف الذي لا ينقطع صوته في الاجتماعات، رغم أن مداخلاته تصلح فقط كنكتة ثقيلة في عرض هزلي.

أبو العُريف في بيئة العمل هو ذاك الشخص الذي يتحدث عن “الإستراتيجيات” دون أن يفرّق بينها وبين “الاسترطاب الجوي”، يقدّم عروض PowerPoint مبهرة من حيث التصميم، فارغة من حيث المضمون، يقتبس جملًا من كتب لم يقرأها، ويتحدث بلغة إنجليزية هجينة مليئة بالمصطلحات المغلوطة التي تلفّها لكنة ثقة رنانة فيحشر أنفه في كل مشروع، يُقيّم أداء الجميع وهو لا يفقه في آليات عملهم، يعارض ويقاطع ويصحح، ثم يختم حديثه بنصيحة من نوع: “أنا لو كنت مكانكم، كنت عملتها بطريقة تانية… بس خلّيها تمشي هيك”.

وما يثير الذهول أكثر، أن هذا المخلوق العجيب غالباً ما يحظى بإعجاب من حوله، لأنه يعرف من أين تؤكل كعكة الظهور، وكيف يلمّع نفسه أمام الزملاء والمدراء بعبارات رنانة منزوعة القيمة فيضحك في وجه المسؤولين، ويقسو على من يسايره من زملائه، يسرق الأفكار، ثم يبيعها على أنها بنات عقله النابغة والمصيبة الكبرى؟ أنه ينجح! نعم، في نظام إداري مترنح، يتسلل أبو العُريف عبر ثغرات الجهل المؤسسي، ليصبح صوتاً يُسمع، ورأياً يُؤخذ، وكارثة تُكرَّر.

هو لا يُطوّر العمل، بل يُطوّر نفسه على حسابه فيقدّم الشكاوى بدل الحلول، ويقنع الجميع أن المشاكل ليست في النظام بل في الأشخاص… طبعاً ما عدا شخصه العظيم. ولو سألته عن خطة تطوير الأداء المؤسسي، يبدأ الحديث عن “تحسين الكفاءة الإنتاجية من خلال الابتكار الداخلي المستدام”، ثم يختمها بسؤال: “مش فاهمين عليّ؟ بسيطة، أنا بجهزلكم ورقة بالموضوع”. وتلك الورقة… لا تظهر أبداً.

في النهاية، أبو العُريف ليس مجرد ظاهرة صوتية، بل هو تجسيد حيّ لتسلق السطحيين وتراجع الكفاءات. إنه رمز لكل من قرر أن يجمع بين الجهل والغرور، ويقدّمهما في عبوة براقة ليبيعها على أنها خبرة. ومن يدري؟ ربما في الاجتماع القادم، يكون هو من يحدّد مصير الفريق… لأنه، كما يحب أن يقول دائمًا: “أنا شايف الصورة الكبيرة، وإنتو لسه بتفكروا في التفاصيل!”

قد يعجبك ايضا