*فادي السمردلي يكتب :اسمع وافهم الوطني أفعال لا أقوال*
*بقلم فادي زواد السمردلي* ……
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️
في عالم تزداد فيه الضوضاء وتضيع فيه الحقائق بين التصفيق والمجاملات، نحتاج أن نعيد تمركز البوصلة نحو الحقيقة الثابتة فالوطنية لا تعيش في الكلمات، بل تسكن في الأفعال فلا يكفي أن نرفع الشعارات، ولا أن نُعبّر عن الحب للوطن عند كل مناسبة ونكتمه في لحظات المحنة فحب الوطن لا يُقاس بما نقول، بل بما نُقدّم له حين لا يرانا أحد، وبما نمتنع عنه احترامًا لمصلحته.
نعيش اليوم في زمن تراجعت فيه قيمة الفعل، وارتفعت فيه أسهم الخطاب فأصبح البعض يظن أن الوطنية تُكتسب من الحضور الإعلامي، أو من عدد الكلمات التي يقولها دفاعًا عن الوطن في الجلسات العامة، بينما هو بعيد عن ميادين الفعل والعمل والمواجهة فهذا الفهم المغلوط للوطنية يضرّ أكثر مما ينفع، لأنه يجعل من حب الوطن واجهة اجتماعية، لا ممارسة حقيقية ومسؤولية أخلاقية.
الوطني الحقيقي ليس من يرفع صوته عندما تكثر الأبواق، بل من يقف بثبات حين يصمت الجميع وهو من يلتزم بالقانون احترامًا للعدل، من يرفض المحاباة، ويحارب الفساد بالموقف أو بالصبر الطويل فالوطنية الحقّة لا تحتاج جمهورًا لتُعرض عليه، بل تحتاج ضميرًا حيًا يُراجع نفسه كل يوم ويسأل: “هل أُضيف شيئًا لهذا الوطن؟ هل طعنته بصمتي أو بتقصيري؟”
الوطن لا يبنيه من يمدحونه في كل مناسبة، بل من يخدمونه في كل وقت في المدارس، حين يُربى الأطفال على القيم الصالحة وفي المشافي حين يُعالج الفقير بنفس العناية التي يُعامل بها الغني وفي الإدارة، حين تُنجز المعاملات بشفافية، دون واسطة أو محسوبية وفي الأسواق، حين يبيع التاجر بضمير ولا يُغالي، وفي الشارع، حين يُحافظ الناس على نظافته كأنما هو بيتهم.
*اسمع وافهم الوطني أفعال لا أقوال.* فلا قيمة لحبٍ لا يترجم إلى سلوك فالمحبة الحقيقية تظهر حين تُغلق الأبواب وتُترك وحدك أمام الاختيار إمّا أن تُغش أو أن تلتزم بالأمانة، إمّا أن تصمت عن الخطأ أو أن تُسجّل موقفًا فالوطنية لا تُقاس بالحجم الظاهر للولاء، بل بمدى استعدادك لأن تُضحّي، أن تُصلح، أن تصبر، وأن تواصل دون كلل.
حين يتعلّق الأمر بالوطن، لا يكفي أن تقول “أنا وطني”.”أو انا وطني باحلامي فقط” بل يجب أن تُثبت ذلك في امتحانات الحياة اليومية في طريقة معاملتك للناس، في التزامك بعملك، في وقوفك ضد الظلم، في محاربتك للفساد، في دعوتك للوعي لا للجهل، وللبناء لا للهدم، وللحوار لا للانقسام.
الوطني ليس معصومًا عن الخطأ، لكنه يُحاسب نفسه، ويتراجع، ويُحاول أن يُصلح فليس بالضرورة أن يكون ثوريًا، أو بطلاً، أو مصلحًا كبيرًا، بل يكفي أن يكون مخلصًا في موقعه، نزيهًا في تعامله، نافعًا في مجتمعه.
الوطن لا يحتاج مهرجانات وطنية وحفلات ودبكات، بقدر ما يحتاج مواطنين صادقين فلا يحتاج إلى صور تملأ الجدران، بقدر ما يحتاج إلى أيادٍ تبني وتزرع وتصنع الوطن يحتاج أن نصدقه كما نطلب منه أن يصدقنا.
لهذا، *اسمع وافهم جيدًا الوطني أفعال لا أقوال.* ولن تقوم قائمة لأي وطن ما لم تتحوّل الوطنية من مفهوم فضفاض إلى ممارسة يومية فمن يحب وطنه، يخدمه، ويصلحه، ويدافع عنه في غيابه، لا في ظهوره فقط فلا ترفع علم الوطن إن لم تكن مستعدًا أن ترفع من شأنه ولا تتحدث باسمه إن لم تكن مستعدًا أن تتحمّل أوجاعه، وتُداويها بعملك لا بكلامك.
وختامًا، فإن أصدق من ينتمي، هو من يعمل أكثر مما يتحدث، ويُقدّم أكثر مما يطلب، ويصمت حين يُطلب منه التباهي، لأنه يعرف أن الوطنية لا تُثبت بالصوت، بل بالعرق والجهد والنية الصادقة.