آخر أعماله «صرنا بعاد»: الفنان يوسف أبو حمد يغيب وهو مطمئن لاستمراريته عبر ألحانه وتراتيله

شبكة الشرق الأوسط نيوز : كنغمة من حب وشغف مرّت حياة الفنان يوسف أبو حمد بسنواته الـ38. هو الإنسان الممتلئ إيماناً بحكم القدر بأن نردد معه «صرنا بعاد». هو اللحن الأخير الذي أطلقه قبل الرحيل بأيام.
فرقة «رند»، التي أسسها مع شقيقتيه ليلي وجمال خسرت جسرها الصلب. وبات التمعُّن بكلمات «صرنا بعاد» للشاعر الراحل روحي طعمة يطرح السؤال هل البعد كان بالمرصاد بيننا وبينه؟ يوسف الذي وصف لحنه الأخير بالقول «بسيط بقصد.. هناك وجع لا يحتاج إلى صراخ.. بل إلى همس».
فقبل ساعات من حفل فرقة «رند» في متحف الصابون في صيدا يوم 4 الشهر الجاري كان الرحيل المؤلم ليوسف. في تاريخه منذ الطفولة أتقن الترتيل في جوقة الجعيتاوي. كما درس العزف على البيانو في المعهد الموسيقي الوطني. وفي هويته الفنية يوسف مُشبّع بالأصالة والتراث. كما أن جذوره الإنسانية والوطنية مستمدة من سهل البقاع المعطاء، حيث والده، ومن صلابة تلال ووديان الجنوب، حيث والدته. شاب في مقتبل العمر كان يعتبر التراث والحفاظ على إرث وديع الصافي أمانة لديه.
نسج نغماً يشبه النسمة. وإلى مشاريع حفلات بين لبنان والخارج لـ»رند»، كان يوسف يُعدّ لأغنية جديدة في أيلول/سبتمبر.
رند التي انطلقت سنة 2013 ثابر الإخوة الثلاثة على تغذيتها وتنميتها، وبقي يوسف مهندسها المُطلق. هجِس بوصية وديع الصافي لجيل الشباب بالمثابرة على اعلاء شأن الأغنية اللبنانية، والتي باتت مسؤولية له.
يتألف الريبرتوار الفني لرند من 13 أغنية جميعها من ألحان يوسف. كتب كلمات ثلاث، منها هي «زمن تاني، ناطر حب، رح إبقى». وكذلك كتب مع الياس الحايك «أول مغيب. وقالت والدمعة بعينا».
بعد رحيله ربما بتنا نُدرك مقاصد كلماته، والتي ولم نُدركها في حينه على حقيقتها. ففي كلمات أغنياته والتراتيل الدينية التي كتبها ولحنها ثمّة لقاء على شوق كامن، أو ظاهر إلى اللقاء بالملكوت وسيدنا عيسى. تماماً كما عبّرت كلمات أغنية «صرنا بعاد» عن أسى الحياة الناتج عن البعد والفراق. ففي الواقع كان ثلاثي رند متباعدين لظروف العمل. لكن تلاقي الروح بينهم ظلّ قائماً، وقد تعمّق مع غياب يوسف. إذ تقول ليلي وجمال أبو حمد أنهما تعيشان الرجاء بعد رحيله.
ليوسف أبو حمد تراتيل كنسية من كلماته، وأخرى من كلمات البطريرك الراحل الياس الحويك، ومنها «ربي أنت إلهي» التي سجّلها بصوته والتي كانت أثيرة على قلبه. كذلك لحّن تراتيل من كلمات آخرين. كان يوسف شغوفاً بمنح الكلمات روحاً ونغماً. وألحانه الكنسية كثيرة.
ليلي وجمال أبو حمد في رحيل شقيقهما الكبير ومهندس رند في كل خطواتها، متأثرتان كما يوسف بترتيلة «ربي أنت إلهي» التي كان يُحبها والتي أثنى عليها وديع الصافي عندما سمعها منه.
الحفل الأخير الذي جمع رند كان في مُلتقى السفير في آذار/مارس الماضي وتميز بأجواء حميمة ودافئة، كان خلالها يوسف في غاية العطاء. قدّم لجمهور جديد هوية رند وأفكارها الفنية، وروحه التي كان يضعها في كل لحن جديد. ألحانه سلْمية هادئة وحنونة، وتشبهه بفيض الحب الذي يتمتع به.
وداع يوسف في بلدة روم، قضاء جزين كان شبيهاً بالزحف إلى عرس. معزون من كل لبنان لم ينقطع توافدهم على مدى يومين. قداديس وتسابيح وصلوات وتضرع، وسورة الفاتحة، جميعها أحاطت بمرقده الاخير حيث الطمأنينة والسلام. وحيث هو مطمئن من أن ذكره باق عبر ألحانه لرند، وألحانه للتراتيل الكنسية.
هي كلماتي الأخيرة أكتبها عن شاب عرفته طفلاً. فرحت به فناناً وإبن صديقة العمر. ولد موهوباً بفن وهدف يستمدهما من الأرض التي رضع عشقها. كبر على حب المساعدة ومد يد العون. ونسج الصداقات المترامية الأطراف ومع كافة المحيطين بيومياته. بكّر الرحيل.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا