الذي يحصل بين إيران وإسرائيل حرب مفتوحة وبلا أفق

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات  ….

 

رؤيتي وتحليلي كمتابع للشأن الإيراني وبعد ستة جولات من الضربات الصاروخية والمسيرات الإيرانية أننا مقبلين على تغيير وجه المنطقة جيو سياسياً، ويخطيء من يتوهم أن الحرب الدائرة الآن بين طهران وتل أبيب ستلقي بظلالها فقط علي الطرفين الإيراني والإسرائيلي، بل إنها تمهد لحرب مفتوحة بلا أفق لنهايتها وأنها ستغير وجه منطقة الشرق الأوسط جيو سياسياً، ما يجري أبعد من مجرد ( ردع مؤقت ) أو ( تبادل ضربات ) أو ( فعل ورد فعل ) نحن نشهد أنتقال إيران من مرحلة ( الدفاع الذكي) إلى مرحلة ( الهجوم الإستراتيجي طويل النفس ) كما هي سياستها الخارجية بالنفس الطويل في التعامل مع الدول، فكل خطوة تحسب بدقة لإحداث إنهيار تدريجي في قدرة الكيان الإسرائيلي على البقاء، لا على الرد فقط، وفقاً للمعطيات الحالية والثقافة العسكرية الإيرانية فالضربات العسكرية الإيرانية ستستمر عدة أيام وفيها يجري إستهداف مناطق عسكرية حساسة جدأ داخل الكيان الإسرائيلي أو ربما يعمد الإيرانيون لخلق نوع من الخمول أو التريث بهدف طمأنة اسرائيل بإنتهاء الضربات، ثم يوجهون سهامهم لرؤوس الجيش الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية وخاصة بعد حصولهم على بنك المعلومات مؤخراً من الوثائق الأمنية والعسكرية والسياسية للكيان الإسرائيلي، فالكيان الاسرائيلي الآن أخفى كل مسؤوليه الكبار عن الظهور سواءاً في منازلهم أو في مقر عملهم حفاظاً على حياتهم، وقد يختار الإيرانيون المناورة لفك هذا الأخفاء ودفع المسؤولين للظهور ثم ضربهم.
إذا أرادت إيران إغتيال قادة الكيان الصهيوني تحتاج إلى تقنية التتبع في صواريخها وليس من خلال تحديد الأهداف مسبقاً قبل الإطلاق، وربما إيران تمتلك كل التقنيات الحديثة والأيام القادمة ستكشف لنا قدرات إيران العسكرية في هذا المجال، فالهجوم العسكري الإيراني أمس وصباح اليوم أثبت بما لا يدع مجالا للشك بأن إيران قادرة على إيذاء إسرائيل بأي شكل تريد، ولا إعتبار للدفاعات الجوية الأمريكية والإسرائيلية، فهي غير قادرة على وقف الهجوم الايراني، أما في حال معاودة إسرائيل هجماتها على إيران فسوف يتم تطوير الهجوم الإيراني لضرب مؤسسات إقتصادية ومصادر للطاقة بما فيها الموانئ والمطارات ومحطات توليد الطاقة والنقل والبنوك والمصانع، تحتاج إيران أستمرارية في قصف تل أبيب وحيفا ويافا ليلتين أو ثلاث بمعدل ١٠٠ صاروخ كل ساعة حتى يمكن أن تردع إسرائيل أما ما دون هذا فيعتبر رد غير مجدي لحفظ ماء الوجه، ما يعرقل هذا السيناريو هو خشية إيران من إستهداف منشاءاتها الإقتصادية بشكل لا يمكن تعويضه مستقبلا، يبقى الشق السياسي والذي على الأرجح سوف تعلن إيران تطوير مشروعها النووي بالبدء بالتخصيب العسكري، أو قرب الإعلان عن قنبلة نووية، وفقا لما يضغط به الشارع الإيراني اليوم على قياداته بضرورة إمتلاك السلاح النووي لردع الكيان الصهيوني المجرم والولايات المتحدة الأميركية عن التفكير في أي هجوم مستقبلي، ومن أبرز نقاط التوتر هو البرنامج النووي الإيراني إذ ترى إسرائيل في إحتمالية إمتلاك إيران لسلاح نووي تهديداً وجودياً وهذا القلق دفع إسرائيل إلى إتخاذ خطوات عسكرية لعرقلة تقدم البرنامج النووي الإيراني، وفي أقل من ٢٤ ساعة أتى الرد الإيراني لإسرائيل مما زاد حدة التوترات في المنطقة والإقليم، برغم أن الحرب المفتوحة بلا أفق لنهايتها ستغير وجه المنطقة جيو سياسياً، إلا أن اللحظة الراهنة تحركها العاطفة الجمعية ألتي أشعلتها إيران بضرباتها.
نعلم جيدا أن الشعوب العربية لم تعد تنتظر من الأنظمة العربية ما يشفي غليلها من عربدة إسرائيل في منطقتنا ومن الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ألتي ترتكبها في غزة، ولهذا تتجه الأنظار اليوم نحو ‎إيران كمخلص.
المعركة في بدايتها والإيرانيين أكثر صبراً في إدارة معاركهم، وكافة التحليلات ألتي بشرت بأنتصار إسرائيل وتدمير إيران فجر اليوم وحتي وقت قليل، قد ذهبت أدراج الرياح بعد الرد الإيراني الذي جاء مدمراً وغير معتاد، فهذه هي المرة الأولي ألتي تواجه فيه إسرائيل هجوماً قوياً في قلب إسرائيل من دولة غير مجاورة لها جغرافيا، وقد إعتادت إسرائيل نقل المواجهة الي أرض العدو لهم في سياق سياسة الردع.
علي الصعيد الإقليمي تستطيع أيران بالتنسيق مع الحوثي في اليمن والذي أغلق ممر باب المندب أمس أن تقوم بخنق التجارة العالمية ووقف تصدير الطاقة الي إسرائيل وغيرها عن طريق قيام إيران بغلق مضيق هرمز والذي أغلقته أمس أيضاً، في هذه الحالة سوف تشل يد إسرائيل بشأن إستمرار ضرب مواقع إستراتيجية في طهران، هنا ستصرخ أمريكا والغرب من جراء خنق التجارة العالمية، ادوات تركيع إسرائيل متاحة في أيدي قادة ورؤساء وملوك الأمة العربية والأمة الإسلامية، نحن نعيش واقع مأزوم يقتضي توجيه جهود الدول العربية والدول الإسلامية نحو تكامل إقتصادي تام ونحو موقف سياسي موحد تجاه أمريكا والغرب واسرائيل .

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا