كيف أفشلت  الحرب الإيرانية مع إسرائيل لمخطط الشرق الأوسط الجديد

كيف أفشلت  الحرب الإيرانية مع إسرائيل لمخطط الشرق الأوسط الجديد

بقلم: محي الدين غنيم

في تطور غير مسبوق ضمن سياق التوترات الإقليمية وعربدة العدو الصهيوني  ، شهدت المنطقة مواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل، مثّلت تحولا استراتيجيًا له ما بعده. فبعيدًا عن الحسابات العسكرية البحتة، جاءت هذه المواجهة لتعيد ترتيب الأوراق السياسية في الشرق الأوسط، ولتوجه ضربة قوية لمشروع “الشرق الأوسط الجديد”، الذي تسعى من خلاله قوى دولية إلى إعادة تشكيل الخارطة الجيوسياسية للمنطقة بما يخدم مصالحها، وعلى رأسها دمج إسرائيل وإضعاف محور المقاومة.

وردا على استهداف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق، أطلقت الجمهورية الإسلامية الإيرانية،هجومًا صاروخيًا مباشرًا والذي اعتبر الأول من نوعه، كاسرة بذلك قواعد الاشتباك المعهودة منذ عقود. لم يكن الهدف من الضربة تحقيق نصر عسكري مباشر، بل إيصال رسالة واضحة مفادها أن طهران لن تبقى في موقع المتلقي، وأن أي مساس بسيادتها ومصالحها سيُقابل برد مماثل.

ورغم أن التصعيد لم يتطور إلى حرب شاملة، فإن آثاره السياسية والعسكرية كانت عميقة، وأعادت رسم معادلات الردع الإقليمي، وأكدت أن ميزان القوى في المنطقة لا يزال متحركًا وغير محسوم.

ويمثل مشروع “الشرق الأوسط الجديد” – الذي تبنته الولايات المتحدة منذ أكثر من عقدين ؛ رؤية لإعادة رسم خريطة المنطقة عبر تفتيت الدول القوية، ودمج إسرائيل في نسيج المنطقة كقوة طبيعية. وقد سعت قوى غربية وإقليمية إلى تحقيق ذلك عبر أدوات متعددة، ومن أهمها تمزيق وحدة دول محورية مثل العراق وسوريا ومصر وإضعاف دول عربية إبان ما يسمى بالربيع العربي المشؤوم والذي تم دعم حركات انفصالية وطائفية ودعمها المطلق لتنظيم داعش الإرهابي والذي عاث فسادا وإفسادا في كل من العراق وسوريا والذي ارتكب افضع الجرائم بحق المدنيين العزّل، وكذلك سعت تلك الدول الإقليمية بالدفع  نحو التطبيع مع إسرائيل دون حل جذري للقضية الفلسطينية. وقد أربك الرد الإيراني تلك المخططات الخبيثة وأن محور المقاومة لا يزال متماسك وموحد وسيكون بالمرصاد لكل من يحاول زعزعة أمن المنطقة ، وأن إدماج الكيان الصھيوني في الوطن العربي والإسلامي امر مرفوض في ظل تزايد التعاطف العربي والإسلامي مع القضية الفلسطينية بعد السابع من أكتوبر والحرب الكونية التى فرضت على قطاع غزة والتي ما يزال أهلنا تحت القصف وحرب الإبادة والتجويع لغاية يومنا هذا  .

وبفضل الجمهورية الإسلامية الإيرانية وبعد الإعتداء الصهيوني الغاشم واغتيال عدد من القيادات العسكرية والعلماء؛ وبعد ساعات من الضربة : كان الرد الإيراني الحاسم والذي قلب الموازين وقصف العديد من المواقع العسكرية الحساسة ومطار بن غوريون  وخلال الاثنى عشر يوما من الحرب أظهرت طهران قدرتها على الرد الاستراتيجي، رغم العقوبات والحصار الجائر المفروض منذ إنتصار الثورة عام 1979 وكذلك أثبتت الحرب فشل منظومات الدفاع الإسرائيلية في اعتراض كامل الهجوم، ما طرح تساؤلات كثيرة  حول جهوزية إسرائيل لمواجهة شاملة؛ وفي هذه الحرب وانتصار إيران فعليًا على أرض الواقع ؛ نقول: لقد أفشلت  الحرب الإيرانية مع إسرائيل لمخطط الشرق الأوسط الجديد وأن المواجهة الإيرانية الإسرائيلية تعد محطة مفصلية شكلت تحديًا مباشرًا لمخططات إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد.

الكاتب من الأردن

 

 

قد يعجبك ايضا