*فادي السمردلي يكتب:السلوك التصفوي بعد التمكين الطريق الأسرع نحو تفكك الأحزاب وانهيار العمل التنظيمي(٣٦/٣١)*
*بقلم فادي زواد السمردلي* …..
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
*”مقالات دورية تُنشر كل أحد وثلاثاء وخميس، تتناول أسباب تُفشل الأحزاب.(٣٦/٣١)”*
ماذا يعني السلوك التصفوي بعد التمكين ؟
☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️
عندما يصل قائد جديد إلى رأس الحزب، يتطلب منه المنصب مسؤولية كبيرة تجاه تحقيق الإصلاحات، وتعزيز الديمقراطية الداخلية، وتطوير الحزب ليكون قادرًا على مواجهة التحديات السياسية والاجتماعية. لكن في بعض الحالات، قد يتحول المنصب إلى وسيلة للانتقام من الخصوم السياسيين بدلاً من أن يصبح أداة للإصلاح والتغيير الإيجابي فهذا الانخراط في سياسات انتقامية داخل الحزب يعني أن القائد يبدأ في استخدام سلطته ليس لتطوير الحزب أو تعزيز موقفه في الساحة السياسية، بل لتصفية الحسابات مع منافسيه وأعدائه السياسيين ويتجسد هذا السلوك في محاولات تقويض مكانة هؤلاء الخصوم داخل الحزب، سواء عن طريق إقصائهم من المناصب أو تهميشهم على مختلف الأصعدة، مما يخلق حالة من التوتر الداخلي المستمر ويؤثر على فعالية الحزب في أداء مهامه وبدلاً من أن ينشغل القائد بتوحيد الصفوف وتوجيه الجهود نحو بناء رؤية مستقبلية لحزبه، يصبح هدفه الرئيس هو الانتقام من أولئك الذين لم يدعموه في طريقه للسلطة أو الذين يتبنون آراء أو سياسات مخالفة لوجهة نظره.
هذه السياسات الانتقامية تؤدي إلى أضرار كبيرة على المدى الطويل، إذ تتسبب في تهميش الكفاءات والقدرات داخل الحزب فعندما يتم إقصاء الأفراد المؤهلين بناءً على الولاءات الشخصية أو السياسية بدلاً من قدراتهم ومؤهلاتهم، يُفتقد عنصر الخبرة والاحترافية داخل الحزب، مما يضعف من فعاليته في مواجهة التحديات السياسية والاجتماعية فيصبح الحزب خاليًا من الشخصيات التي يمكنها أن تضيف إلى النقاش السياسي وتساهم في بلورة السياسات بشكل ديمقراطي وموضوعي فهذا التهميش للكفاءات قد يكون له تأثيرات سلبية على المستوى البعيد، حيث يصبح الحزب عاجزًا عن إنتاج أفكار جديدة أو تبني مواقف حاسمة تجاه القضايا الملحة التي تؤثر في المجتمع.
علاوة على ذلك، فإن الانخراط في سياسات انتقامية يساهم في إعادة إنتاج النظم الاستبدادية داخل الحزب، حيث يسعى القائد للسيطرة المطلقة على جميع الهيئات التنظيمية الداخلية، مثل اللجان والمجالس الحزبية، بهدف تقليل أي معارضة أو تنوع فكري داخل الحزب وهذا لا يعني فقط القضاء على الديمقراطية الداخلية، بل يعزز من المركزية المطلقة في اتخاذ القرارات، مما يقضي على أية فرصة لتحقيق التعددية الفكرية أو المناقشات المفتوحة التي تعد أساسية في الحياة الحزبية الديمقراطية فهذه السيطرة المطلقة تجعل الحزب شبيهًا بنظام ديكتاتوري داخلي يعيد نفس الممارسات الاستبدادية التي قد ترفضها في البداية،مما يهدد استقرار الحزب وقدرته على الاستمرار في ظل الظروف المتغيرة.
عندما يصبح الحزب ساحة للانتقام والصراعات الداخلية، فإن ذلك يؤدي إلى نتائج كارثية على المدى الطويل فيفقد الحزب مصداقيته ويخسر دوره كممثل حقيقي للديمقراطية وحامل لآمال أعضائه ويصبح الحزب محط سخرية أو تهميش في أعين الجمهور، لأن أولويات القيادة تكون متجهة نحو تصفية الحسابات بدلاً من معالجة قضايا الشعب وبالإضافة إلى ذلك، تعرقل هذه السياسات التقدم الداخلي للحزب، حيث يغيب التحديث والتطوير، ويُحرم الأعضاء من الفرص للإبداع والعمل المشترك فالتركيز على الصراعات الداخلية يؤدي إلى إضعاف قدرة الحزب على الابتكار والتأثير في المجتمع، مما يجعل أي محاولة لإجراء إصلاحات أو تغييرات حقيقية أمرًا مستحيلًا وفي ظل غياب وحدة الصف والشفافية الداخلية، يفشل الحزب في بناء قاعدة شعبية واسعة، ما يعرضه للتفكك ويؤدي إلى تراجع شعبيته.
في النهاية، يهدد الانخراط في السياسات الانتقامية بقتل الروح الديمقراطية داخل الحزب ويحول الحزب من أداة للتغيير إلى أداة للسلطة الاستبدادية فعندما يفضل القائد الانغماس في الصراعات الشخصية على حساب تطوير الحزب والعمل السياسي، يتعرض الحزب نفسه لأضرار جسيمة، ويصبح عاجزًا عن مواكبة تطلعات أعضائه أو تلبية احتياجات الشعب.