السياسة الاجتماعية!!!

المهندس هاشم نايل المجالي   ….

 

تُعتبر السياسة الاجتماعية جزءًا من السياسة العامة، التي تُعنى بالقضايا الاجتماعية، وتتعامل مع مختلف القضايا مثل التعليم، والصحة، والفساد، والأحداث المختلفة، وغيرها، وحين يتبادر إلى أذهاننا كلمة “سياسة”، فإننا ننتقل نتيجةً إلى الحكومة، والمجالس، والانتخابات، وصراعات المصالح والنفوذ، والفوارق الطبقية.
فلقد أصبحت حاضرة في تفاصيل حياتنا اليومية؛ فكل قرار أصبحنا نتخذه نجد أنه يجب أن يكون فيه تفاوت، لا أن يكون فرديًّا، وكل موقف نواجهه يجب أن يكون فيه اتزان فكريّ وعقلانيّ بين مصلحة وأخرى، وكل علاقة نخوضها تتطلب منّا الإدارة والقدرة على التأثير.

ففي خضم العمل فإننا نتعامل مع شخصيات مختلفة الرؤية، أو شخصيات معقدة أو متنمّرة، وعلينا أن نُمارس نوعًا من أنواع السياسة والدبلوماسية حين نسعى لإقناع الطرف الآخر بالأصح، لمصلحة الطرفين، أو حتى لنحمي أنفسنا من هجوم مباشر أو غير مباشر، فعلينا أن نستخدم أدوات السياسة، كذلك التوقيت المناسب لكل فعالية أو قرار يناسب ذلك الحدث، واختيار الكلمات، وفهم الخارطة الذهنية، كي نتمكن من المواجهة بأسلوب سياسي، فهي مهارات سياسية.
فالجهات المعنية التي فهمت هذه الفلسفة وسّعت مفهوم السياسة ليشمل المهارات الحياتية من كافة جوانبها، ليكون هناك مجتمعٌ أكثر وعيًا، وأكثر قدرة على حل النزاعات داخليًّا وخارجيًّا، فكثير من الدول تتبع أسلوبًا تعليميًّا حديثًا لتدريب العاملين، والمدراء، وغيرهم، على أساليب ومهارات حل النزاعات، والتفاوض، واحترام الرأي الآخر المختلف، وهي مفاهيم في السياسة المجتمعية، هدفها وجوهرها التعايش السلمي، والوصول إلى العمل المشترك لتحقيق الهدف.
ففي دولة مثل سنغافورة استطاعت الحكومة أن تزرع في ثقافة المجتمع فكرة “السياسة الذكية”، أي جعل الفرد والمسؤول يفكّر كرجل دولة عند اتخاذه قراراته، مما انعكس على سلوك الناس في العمل والمجتمع، حتى في علاقاتهم، ولقد عملت على تدريب الفرد والجماعة على التعبير المتزن عن الرأي، وأسلوب صياغة الخطاب المُقنع، وهي عملية سياسية مدنية تُعزّز الثقة بين المواطن والدولة، وتخلق وعيًا بالمصالح المتبادلة.
أمّا في الدول النامية (دول العالم الثالث)، فلا يزال البعض ينظر إلى السياسة كشرّ لا بدّ من تجنبه، أو كمساحة تفاعلية مليئة بالمؤامرات، وهذا الفهم السلبي جعلنا نبتعد عن التفكير الوطني والاستراتيجية، حيث الكثير أصبح يخشى اتخاذ المواقف، أو التعبير عن المصالح الوطنية بشكل موزون، فالسياسة ليست نُقطة لعبة الكبار، بل هي فنّ ترتيب المصالح دون خسارة، في ظلّ زحام الآراء، لنُحافظ على استمرارية العمل البنّاء المشترك.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا