*فادي السمردلي يكتب: إذا تقدَّم اسم القائد على اسم الحزب، فتلك أولى علامات السقوط*
*بقلم فادي زواد السمردلي* ….
*#اسمع_وافهم_الوطني_أفعال_لا_أقوال*
👈 *المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*👉
حين ترى اسم القائد يسبق اسم الحزب في كل بيان، وكل تهنئة، وكل تعزية، وكل دعوة…الخ …فلا تظن أن الأمر مجرد تفصيل بروتوكولي إنه مؤشر واضح على اختلال المعادلة القائد أولًا، والحزب لاحقًا إن ذُكر أصلًا وهكذا تُختزل الفكرة في الفرد، ويتحول التنظيم إلى ملحق دعائي لشخص، لا لمشروع.
حين يُختزل الحزب في شخص، ويتحول القائد إلى واجهته الوحيدة، فاعلم أنك أمام كيان هشّ لا يستحق اسم “حزب”. إنها مسرحية سياسية رديئة، يلعب فيها “الزعيم” كل الأدوار البطل والمخرج والمنتج… وحتى الجمهور ففي الاحزاب التي لم تتحرر بعد من إرث الشخص الواحد، يتكرر هذا المشهد القاتم يُنفخ في صورة القائد حتى يُرفع إلى مصاف “الإله السياسي”، بينما يُفرغ الحزب من روحه، وتُخنق كل مساحات النقاش والسؤال.
اسمه يتصدر المنصات، وصوره تملأ الجدران، وشعارات الحزب تُختزل في جملة ارتجالية قالها في لحظة حماس أما مؤسسات الحزب؟ فهي مجرد واجهات صامتة، تدور حوله كما تدور الكواكب حول شمس واحدة فالحزب لا يُنتج فكرًا، ولا يُقدم برنامجًا، بل يتحول إلى صدى صوت، أداة تلميع لصورة القائد، وعربة يجرها وحده في طريق لا يعرفه أحد سواه.
وهذا الترتيب ليس عفويًا إنه مدروس، ومقصود فهو جزء من مشروع مريض يجعل من القائد وطنًا، ومن الحزب مجرد جوقة تصفيق ففي هذا المسرح العبثي، لا نجد مشروعًا وطنيًا حقيقيًا، بل مشروعًا شخصيًا مغلفًا بشعارات وطنية جوفاء فالحزب يتضاءل حتى يصبح مجرد اسم تابع في ظل زعيم لا يُنتقد، ولا يُخالف، ويُقدَّم كأنه قَدَر الأمة الذي لا يُخطئ.
كل من يسأل يُخوَّن وكل من يفكر يُقصى وكل من يختلف يُطعن في وطنيته هكذا تتحول الأحزاب إلى حظائر سياسية، تُدار بعقلية “الملكية الخاصة”، وتخضع العقول لمنطق الولاء الأعمى فالحزب لم يعد إطارًا للعمل الجماعي، بل عباءة تُلبس للزعيم حين يحتاجها، وتُخلع عنه حين تتشوه صورته.
والمأساة الأعمق أن الجماهير — المقهورة والمحبطة والمُضلّلة — أصبحت شريكًا في هذه الرداءة فاعتادت الانحدار، بل تدافع عنه فتتهاتف على صور القائد، تتغذى على كاريزماه، وتتناسى أن الحزب يجب أن يكون مشروعًا وطنيًا جماعيًا، لا مرآة لوهج فرد. لم يعد أحد يسأل عن البرنامج، أو الرؤية، أو المؤسسات، لأن الجواب واحد: “ما يقوله القائد”.
لكن هذه الفقاعة، مهما بدت متماسكة، محكومة بالانفجار فالحزب الذي يُبنى حول شخص لا على فكر وتنظيم، هشّ، يسقط بمجرد تعثر القائد، أو غيابه، أو سقوطه. والتاريخ لا يرحم. كم من أحزاب اختفت برحيل قادتها لأنها لم تكن أكثر من امتداد لظلهم، لا مشاريع سياسية مستقلة.
القيادة ليست بديلًا عن المؤسسات، ولا الكاريزما تعني الرؤية فالحزب الذي لا يعرف تداول القيادة، لا يعرف الحياة والحزب الذي يُقدّس شخصًا، يخون فكرته، ويغتال مستقبله.
لا تُحدثني عن “الزعيم التاريخي” ولا “القائد الملهم”. هذا خطاب تجاوزه الزمن فما نحتاجه اليوم هو أحزاب تُبنى بالعقول لا بالأصنام، تُقاد بالبرامج لا بالهتاف، تُنتَقد لتتطور، لا تُصفّق لتتآكل.
في النهاية، الحزب الذي يعيش في ظل القائد، لا يحمل مشروع وطن… بل يحمل مشروع سقوط مؤجل.
والقائد الذي يخشى المؤسسة، ويصادر صوت رفاقه، ليس قائدًا… بل دكتاتور صغير في عباءة مدنية.
الكاتب من الأردن