*فادي السمردلي يكتب: الارتهان للسلطة التنفيذية أو المعارضة بلا مبدأ سبب يفشل الأحزاب(٣٦/٣٥)*
*بقلم فادي زواد السمردلي* ….
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
*”مقالات دورية تُنشر كل أحد وثلاثاء وخميس، تتناول أسباب تُفشل الأحزاب.(٣٦/٣٥)”*
ماذا يعني الارتهان للسلطة التنفيذية أو المعارضة دون مبدأ ؟
☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️
تلعب الأحزاب السياسية دورًا أساسيًا في الحياة السياسية لأي دولة، حيث تشارك في صنع القرار، تشريع القوانين، والمساهمة في توجيه السياسات العامة ولكن عندما تفتقر هذه الأحزاب إلى مبادئ راسخة وتصبح رهينة للسلطة التنفيذية أو للمعارضة دون أسس واضحة، تتأثر بشكل كبير فعاليتها ومصداقيتها في عيون المنتسبين والمواطنين فهذه الظاهرة يمكن أن تكون مدمرة للديمقراطية، إذ تساهم في إضعاف الحوار السياسي البناء وتحيد عن المسار الذي يخدم المصلحة العامة.
يعد الارتهان للسلطة التنفيذية من الظواهر التي تشهدها بعض الأحزاب السياسية عندما يصبح دورها في النظام السياسي مقتصرًا على تقديم الدعم الأعمى للقرارات الصادرة عن السلطة التنفيذية وفي هذا السياق، تتخلى هذه الأحزاب عن دورها التقليدي كمراقب مستقل، وتتحول إلى مجرد أداة لتنفيذ السياسات الحكومية، بغض النظر عن مدى ملاءمتها لمصالح الشعب وهذا الارتهان يؤدي إلى تهميش دور الحزب السياسي الذي يصبح في النهاية تابعًا لا قوة فاعلة في الحقل السياسي.
السبب وراء هذه الظاهرة يمكن أن يعود إلى فقدان الأحزاب لاستقلاليتها الفكرية أو البرامجية، حيث تصبح بعض هذه الأحزاب أكثر اهتمامًا بالحصول على المناصب والمكاسب السياسية والمادية بدلاً من الالتزام بمبادئها الأساسية وفي هذه الحالة، تتقلص قدرة الحزب على التأثير في القرارات السياسية أو حتى تقديم رؤى بديلة للقضايا العامة كما أن فقدان الحزب لمصداقيته في المجتمع يصبح أمرًا محتملاً، حيث يشعر المواطنون أن هذا الحزب قد تنازل عن مواقفه من أجل مصالح ضيقة، وبالتالي يفقد دعمه الشعبي.
علاوة على ذلك، فإن الارتهان للسلطة التنفيذية يعزز من حالة الاستكانة التي قد يصاب بها الحزب تجاه الحكومة وهو ما يحد من قدرته على انتقاد القرارات السيئة أو تقديم حلول للمشاكل التي قد تواجه المجتمع. وهذا التنازل عن المسؤولية قد يؤدي إلى تآكل تدريجي للشرعية التي كان الحزب يحظى بها من قبل أنصاره.
على الجانب الآخر، نلاحظ أن بعض الأحزاب المعارضة تصبح رهينة لمبدأ معارضة السلطة فقط دون تقديم أي بدائل حقيقية أو حلول عملية وفي هذه الحالة، يقتصر دور الحزب المعارض على ممارسة نوع من النقد السلبي للقرارات الحكومية دون أن يكون له برنامج واضح يحدد كيف يمكن تحسين الوضع إن هذه المعارضات التي لا تستند إلى رؤية مبدئية أو إلى أسس سياسية واضحة قد تفقد فعاليتها وتبدو مجرد رد فعل غير مدروس تجاه مواقف السلطة.
من أبرز المشكلات التي تواجه المعارضة دون مبدأ هو غياب البرامج الواضحة، مما يجعل الأحزاب المعارضة تبدو غير قادرة على تقديم بدائل واقعية للمشكلات التي يعاني منها المجتمع وغالبًا ما تكتفي هذه الأحزاب بالاعتراض على السياسات الحكومية دون تقديم أفكار أو حلول يمكن تنفيذها، مما يساهم في تفاقم الأزمة السياسية بدلاً من معالجتها.
وفي بعض الحالات، يصبح دور المعارضة أداة لتحقيق مكاسب سياسية شخصية أو اجتماعية، حيث يكتفي القادة السياسيون في الأحزاب المعارضة بالحصول على دعم جماهيري من خلال الظهور كخصوم للسلطة، دون أن يكون لديهم نية حقيقية لإحداث تغيير إيجابي وفي هذه الحالة، تتحول المعارضة إلى مجرد لعبة سياسية تهدف إلى إضعاف الطرف الآخر، مما يعزز حالة الاستقطاب السياسي ويجعل من الصعب إيجاد أرضية مشتركة لحل المشكلات الحقيقية.
الركيزة الأساسية في أي نظام ديمقراطي هي وجود توازن حقيقي بين السلطة التنفيذية والمعارضة فلكل من السلطة والمعارضة دورٌ مهم في النظام السياسي. ومن الضروري أن يكون لدى كل طرف (السلطة والمعارضة) برامج واضحة ومبادئ تساهم في تعزيز المصلحة العامة إذ يجب أن تكون المعارضة قادرة على تقديم حلول واقعية بديلة، وفي الوقت نفسه، يجب على السلطة التنفيذية أن تكون مفتوحة للنقد وأن تتقبل الاقتراحات التي تقدمها المعارضة.
أما إذا استمر كل طرف في الاستمرار على نفس النهج، فإن هذا سيؤدي إلى استمرارية الجمود السياسي في البلاد. كما أن هذا التوازن يجب أن يتسم بالشفافية والمساءلة، إذ من المهم أن تراقب المعارضة قرارات السلطة التنفيذية وتعمل على محاسبتها عندما تتخذ قرارات تضر بالمصلحة العامة. وبالمقابل، يجب على السلطة التنفيذية أن تكون مستعدة للاستماع إلى انتقادات المعارضة والعمل على تحسين السياسات التي قد لا تتوافق مع احتياجات الشعب.
في الختام إن نجاح الأحزاب السياسية يتوقف على قدرتها على البقاء وفية لمبادئها واهتماماتها الحقيقية بالمصلحة العامة سواء كانت هذه الأحزاب في السلطة أو في المعارضة، يجب أن تركز على تقديم حلول حقيقية، وتعزيز الشفافية، والتفاعل بشكل بناء مع القضايا السياسية والاجتماعية والابتعاد عن الارتهان الأعمى للسلطة التنفيذية أو المعارضة دون مبدأ سيضمن بقاء الأحزاب في إطار الديمقراطية الحقيقية ويسهم في تعزيز الثقة بين الشعب والأحزاب السياسية.
الكاتب من الأردن