حكمة التبصر!!!
المهندس هاشم نايل المجالي ….
نخالط شخصيات سياسية واقتصادية واجتماعية عاركتهم الحياة طويلاً، فهم عصارة تجربة طويلة، وخلاصة حياة مملوءة بالمجاهدة وكثرة الأزمات، وعين حكمة لكثير من القضايا عركتها المعاناة وطول المسير.
فمن أخذ من تلك الحكم واستَرشد بها، سار في درب السلامة والسعادة. إنّ قوة البصيرة، ومزيدًا من التأمل والنظر، وواسع المعرفة، وعظيم التفكير في الأزمات والأشياء التي تدور من حولنا أو نواجهها، والنظر في الحقائق وما بعدها من عواقب، والاستفادة من التجارب، هي بوابة الثبات، وطريق الرفعة، وباعث الامتناع عن الغضب والتسرع باتخاذ القرارات، فهي مفتاح نيل الحكمة، وإدراك جواهر الأشياء وقيمة المواقف، حيث تخفيها كثير من المظاهر المُضلِّلة، وتسترها القشور واللامبالاة.
فلكل شيء أوانه الذي لا يتم قبل حلوله، فلكل شيء ثمنه، فمن لم يتفكر في الحقائق، ويقارن العواقب مقابل النجاح من عين البصيرة، فليتحمل النتائج على ما فعلته يداه وفكره المحدود، ويُطالع بعدها الفرق بين الأمرين، ليعميه غبش اللحظة، فيغتر ويتمادى، ولم يستطع حينها الصبر على تحقيق أيٍّ من مقومات النجاح.
والحكمة هي ذلك الضوء الخافت الذي يُضيء طريق الإنسان في ظلمات الحياة، فالحكمة والبصيرة لا تقتصران على مجرد معرفة الأشياء، بل تتعديان ذلك لتكونا بمثابة مرشد يوجّه سلوكيات الإنسان، ويُصحح أفكاره نحو التوازن.
فالحكمة والبصيرة هما دروس الحياة والمعرفة، لأنهما الحِصن الذي يحمي الإنسان من كثير من الأخطاء، ويستطيع من خلالهما أن يتخذ القرارات الصائبة، سواء كان ذلك في العمل أو في العلاقات الاجتماعية أو في التصرفات اليومية.
والحكمة والبصيرة تمنحان الإنسان شعورًا بالطمأنينة والسكينة الداخلية، وتدعو إلى التسامح في كثير من المواقف، مما يُجنب كثيرًا من التوترات والضغوط النفسية. وتعمل الحكمة والبصيرة على خلق إنسان متوازن يعرف كيف يُوظف المعرفة والفهم في مواقف الحياة المختلفة، مما يجعلها تطوِّر الذات.
فهناك الحكمة العملية المتعلقة بقدرة الشخص على التعامل مع تحديات الحياة اليومية، واتخاذ القرارات من مواقف متغيرة، وهناك الحكمة الفكرية التي تتعلق بفهم القضايا المعقدة والقدرة على تحليلها بعمق قبل اتخاذ أي قرار، حيث ينظر للقضية من زوايا مختلفة.
وهناك الحكمة الاجتماعية المتعلقة بالعلاقات بين الأفراد، والقدرة على التفاعل مع الآخرين بمهارة، وفهم لاحتياجاتهم، مما يسهم في بناء روابط قوية ومستدامة بين الأفراد، فالحكمة ومزيدًا من التبصر يُعتبران القوة التي تساعد الإنسان على فهم حياته بشكل أعمق وأكثر دقة، والقدرة على إحداث تغيير إيجابي في محيطه العملي والاجتماعي.
الكاتب من الأردن