عندما تُقتل باسم الدين والمذهب

محي الدين غنيم   …

 

في مشهدٍ مأساوي يتكرر في أكثر من زمان ومكان، تقترف جرائم فظيعة وتُسفك دماء الأبرياء تحت شعارات دينية ومذهبية، وكأن القتل أصبح طقسًا من طقوس “التقوى” المزعومة، وكأن الله عز وجل ، يرضى بقتل خلقه لأجل خلاف فكري أو مذهبي أو تأويل سياسي مغطى بعباءة الدين.

لم يعد الصراع اليوم في كثير من المناطق صراعاً سياسياً خالصاً، بل صراعاً مغلفاً بالدين، مشحوناً بالكراهية، تُؤججه فتاوى التكفير، وتغذيه جماعات لا ترى في الآخر إلا عدواً يجب استئصاله. يتم تبرير القتل بأنه “جهاد”، وتُشرعن المجازر تحت عنوان “نصرة العقيدة”، بينما الضحية دائماً هو الإنسان البسيط الذي لا ناقة له ولا جمل في هذا الجنون.

لقد شهدنا في العقود الأخيرة نماذج صارخة من هذه الكوارث: تفجيرات في مساجد، اغتيالات على الهوية المذهبية، حروب أهلية أُشعلت بذريعة “الدفاع عن الدين”، بينما الحقيقة أن الدين منها براء. فالدين، أي دين، جاء في جوهره لإحياء الإنسان لا قتله، لإصلاح المجتمع لا تمزيقه، ولزرع الرحمة لا الحقد.

وللأسف، تتحمل بعض المؤسسات الدينية مسؤولية أخلاقية في انتشار هذا الفكر المنحرف، عندما تصمت عن خطاب الكراهية أو تبرر له، أو عندما تُغيب لغة الحوار لحساب لغة الفرض والإقصاء. كما تتحمل الأنظمة السياسية جزءاً من المسؤولية حين تستخدم الدين كأداة للسيطرة أو تسكت عن الفتنة من أجل مصالحها.

وإذا استمرت الشعوب في التقاتل على المذهب والطائفة، فالمستقبل مظلم. لن يبقى شيء من الأوطان، وستُدفن الحضارة تحت ركام الكراهية. ما نحتاجه اليوم هو صوت العقل، وإحياء ثقافة التعددية والاختلاف، والعودة إلى القيم الحقيقية للأديان: الرحمة، التسامح، والعدل.

ليس كل من قال “الله أكبر” كان على حق، وليس كل من لبس عباءة الدين كان ولياً لله. فكم من قاتل باسم الدين، والله بريء مما يفعلون.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا