*فادي السمردلي يكتب:الهوية الوطنية الأردنية أساس العدالة الاجتماعية ومرجعيتها*
*بقلم فادي زواد السمردلي* …..
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
في لحظة وطنية فارقة يمر بها الأردن، تزدحم فيها التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ويصبح الحديث عن العدالة الاجتماعية ليس مجرد ترفٍ فكري أو مطلبًا نخبويًا، بل ضرورة وطنية تتعلق بمستقبل الدولة واستقرارها وتماسكها فقد أصبح من غير المقبول الاستمرار في ترديد الشعارات دون ترجمتها إلى سياسات فعلية وإجراءات عملية تنعكس على حياة الناس اليومية.
العدالة الاجتماعية اليوم، في سياقنا الأردني، لم تعد خيارًا من بين بدائل، بل باتت حجر الأساس في بناء علاقة صحية ومتينة بين الدولة والاردنيين ولكن هذه العدالة لا يمكن أن تتحقق ما لم يكن لها مرجعية واضحة ومحددة تنطلق منها ومن هنا، فإن الانتماء للأردن والهوية الوطنية الأردنية يجب أن يشكلا الإطار الذي تُبنى عليه أي رؤية أو تصور للعدالة.
فالعدالة التي تقوم على أساس المحاصصة والارضاء لا يمكن أن تحقق المساواة الحقيقية، بل تكرّس أشكالًا جديدة من التمييز، وتغذي شعورًا بالغبن واللامساواة أما العدالة التي تنبثق من الانتماء الوطني الصادق، ومن الهوية الوطنية الأردنية ، فهي التي تصهر الجميع في بوتقة واحدة “أردني”، دون أي إضافات أو تقسيمات.
الهوية الوطنية الأردنية ليست تعريفًا إداريًا ولا مجرد انتماء جغرافي، بل هي مشروع وطني يحمل في طياته قيم المساواة والعدالة والتكافؤ إنها المرجعية التي تُصنّف المواطن على أساس انتمائه للوطن وحده، لا على أساس المصالح والاجندات الضيقة، ولا الامتيازات الخاصة.
ومن هذا المنطلق، فإن العدالة الاجتماعية يجب أن تكون انعكاسًا لهذه الهوية الوطنية فالعدالة التي نطمح إليها ليست تلك التي تمنح الحقوق لفئة وتحجبها عن أخرى لترضيات ، ولا التي تعتمد على مدى النفوذ أو القرب من مراكز السلطة، بل تلك التي تُعطي الأردنيين حقهم الكامل غير منقوص، فقط لأنه أردنيين.
العدالة التي تُبنى على أساس الهوية الوطنية الاردنية تصبح أكثر من مجرد شعار بل منظومة متكاملة من السياسات التي تشمل التعليم الجيد للجميع، والرعاية الصحية المتاحة، والحق في العمل اللائق، والسكن الكريم، والمشاركة السياسية الفاعلة، وكلها حقوق لا يجب أن تكون امتيازًا يُمنح بل استحقاقًا يُضمن.
العدالة الاجتماعية بهذه الصيغة، تعني أن الدولة تعترف بالأردني فالعدالة هنا ليست امتيازًا يُطلب، بل حقًا يجب أن يُصان، وكفالة هذا الحق لا تكون إلا من خلال منظومة تحكمها المرجعية الوطنية العليا وهي الهوية الأردنية .
وحين تغيب هذه المرجعية، تدخل مفاهيم العدالة في نفقٍ من التوظيف السياسي أو الترضيات أو المحاصصة، مما يجعلها شكلية فارغة من معناها، تُغذي الانقسام بدل أن توحد، وتُعمّق الفجوات بدل أن تردمها.
أما حين تحضر الهوية الوطنية كمرجعية عليا، فإن العدالة الاجتماعية تُصبح أداة لإعادة الثقة بين المواطن والدولة، وتشكيل عقد اجتماعي جديد يعزز الانتماء الحقيقي ويُعلي من قيمة المواطنة فالعدالة هنا ليست فقط عدالة توزيع، بل عدالة شعور، وإحساس كل فرد بأنه متساوٍ أمام القانون، وأمام الفرص، وأمام الوطن.
إن المطالبة بربط العدالة الاجتماعية بالهوية الوطنية الأردنية ليس من باب الترف الفكري، بل هو من صلب الإصلاح السياسي والاجتماعي فهذا الربط يعيد تعريف أدوار الدولة، ويضبط سلوك المؤسسات، ويضمن أن يكون كل قرار وتشريع وسياسة في خدمة الأردنيين، لا في خدمة أجندات خاصة أو مصالح متضاربة.
لا يمكن الحديث عن انتماء أو ولاء دون شعور حقيقي بالعدالة ولا يمكن بناء وطن إن شعر أبنائه بالتهميش أو التمييز أو الإقصاء.لذلك فإن العدالة الاجتماعية، حين تُبنى على أساس الهوية الوطنية الأردنية، تُصبح مفتاحًا رئيسيًا لبناء وطن مستقر، وشعب متماسك، ومجتمع متساوٍ في الحقوق والواجبات.
العدالة الاجتماعية ليست خطرًا على الوطن، بل غيابها هو الخطر الحقيقي والهوية الوطنية الأردنية ليست شعارًا يُرفع في المناسبات، بل يجب أن تكون الدستور الأخلاقي والسياسي لكل مسؤول وكل مؤسسة. هذا هو المعيار، وهذه هي المرجعية.
إذا أردنا أردنًا قويًا، عادلًا، مزدهرًا، فإن الخطوة الأولى تبدأ من الاعتراف بأن ألاردني، بصرف النظر عن أي اعتبار آخر، هو شريك كامل في هذا الوطن. هذا هو أساس العدالة، وهذه هي الهوية الوطنية التي تجمع الأردنيين ولا تُقصيهم .
الكاتب من الأردن