فادي السمردلي يكتب: الفاسد السياسي وتأثيره المدمر على المسار الوطني الإصلاحي

بقلم: فادي زواد السمردلي  ….

*مقدمة توضيحية*

👈(هذا المقال يأتي في سياق تحليل سياسي ناقد، يعالج ظاهرة عامة ومستمرة في الحياة السياسية، لا يرتبط بحالة آنية أو بشخصيات بعينها، ولا يهدف إلى التشهير أو الاتهام أو الإسقاط على جهة أو فرد.
إنه تشريح عقلاني لنموذج سياسي سلبي يتكرر في كثير من المجتمعات، ويمثّل أحد أخطر معوّقات الإصلاح الوطني الحقيقي.وأي تشابه عرضي بين ما ورد في النص وبين وقائع أو أشخاص هو غير مقصود، ولا يحمل نية الإشارة أو التلميح، بل يقع ضمن الاحتمالات الطبيعية في التعبير العام).👉

 

السياسي الفاسد ليس مجرد استثناء في الساحة السياسية، بل هو كيان متكامل من الانتهازية المقوننة، وواجهة مخادعة لانهيار داخلي في القيم الوطنية والمؤسسية.
إنه الخصم الأخطر لأي مشروع إصلاحي، لأنه لا يكتفي بمخالفة القانون أو نهب المال العام، بل يسعى إلى تلويث مفهوم العمل العام، وتدمير الثقة بالمؤسسات، وسحق المبادئ الأخلاقية تحت عجلة المصالح الضيقة والمنافع الفردية.

هذا السياسي لا يدافع عن قناعة، ولا يناضل من أجل مبدأ، بل يتعامل مع السياسة كما يتعامل التاجر مع بضاعته, يبيع ويشتري ويبدّل المواقف حسب المصلحة، ويقفز من موقع إلى آخر بلا أدنى اكتراث بالثقة التي مُنحت له، أو بالضرر الذي يُلحقه بالعمل الوطني.

وما يزيد الطين بلّة، هو قدرته على إلباس فساده ثوبًا شرعيًا، فيظهر بمظهر المصلح، ويخطب بالشعارات، ويتحدث بلغة الوطنية وهو أول من يطعنها في الخفاء.
يدخل في تحالفات هجينة لا تحكمها مبادئ أو برامج، بل تحكمها صفقات آنية، ومناورات تضمن له الحصانة والنجاة من المساءلة فيبيع اليوم موقفًا، ويقايض غدًا على مبدأ، ويمنح الشرعية لفساد منظومته حفاظًا على موقعه أو حماية لمصالح من يموّلونه من وراء الستار.

الأخطر من فساده الذاتي، هو أن وجوده داخل أي مؤسسة يفسد المؤسسة ذاتها فهو لا يكتفي باستغلال نفوذه، بل يسعى إلى تفريغ المنظومة من مضمونها، فيقرب الأتباع ويقصي الكفاءات، ويُدير العمل بأسلوب مافيوي يزرع الخوف ويقتل روح المبادرة
فتتحوّل المؤسسة معه إلى هيكل شكلي، الصوت فيه للأقرب لا للأكفأ، والقرار فيه للمنفعة لا للمصلحة العامة.

هذا السياسي لا يُهدّد فقط فكرة الإصلاح، بل يُعيد صياغة البيئة السياسية لتصبح طاردة للوطنيين الصادقين، وبيئة جاذبة لكل من يشبهه أو يهادنه.
إنه الفيروس الذي لا تظهر أعراضه بسرعة، لكنه بمرور الوقت يُضعف الجسد الوطني، ويُفرّغ السياسة من محتواها، ويُحول المواطن من فاعل إلى ساخط فاقد للثقة، وربما فاقد للأمل.

حين تكثر هذه النماذج، يتشوه المشهد السياسي بالكامل فتغيب البدائل، وتضعف الأصوات الجادة، ويتحول الحديث عن الإصلاح إلى مجرد أدوات خطابية لا تُترجم على الأرض، لأن الأساس نفسه فاسد، والركيزة ملوّثة، والبوصلة موجهة نحو المكاسب لا المبادئ.

التخلص من هذا النوع من السياسيين لا يجب أن يكون ترفًا أو تمنيًا مثاليًا، بل ضرورة وطنية، وشرطًا أوليًا لأي عملية إصلاح حقيقية لأن بقاء هؤلاء على الطاولة السياسية لا يعني فقط عرقلة التغيير، بل يعني اختطاف المستقبل، وتكريس واقعٍ لا ينتج سوى مزيد من الإحباط والفساد والانقسام.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا