فادي السمردلي يكتب: إفشال الجهود السرطان الخفي الذي ينهش الأحزاب
بقلم فادي زواد السمردلي ….
#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال
👈 *المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*👉
في بعض الأحزاب، تتكرر ظاهرة مدمّرة تكاد تكون مرضاً مزمناً يفتك بقدرتها على التطور، وهي ظاهرة إفشال جهود الآخرين عن عمد، سواء كانت هذه الجهود على شكل محاضرات توعوية، أو مبادرات جماهيرية، أو خطط تنظيمية تهدف لتطوير الأداء الحزبي وتحديث أدواته وهذه الظاهرة لا تحدث في العلن، بل تتشكل في الكواليس، حيث يجتمع بعض المتنفذين ليحوّلوا كل فكرة جديدة إلى تهديد، وكل مبادرة ناجحة إلى خطر على نفوذهم. بدل أن تتبنى القيادة أو الكوادر هذه المشاريع وتدعمها، تُترك لتتعثر، أو تُحاصر بالملاحظات السلبية، أو حتى يُعمل على تشويه أصحابها أمام الأعضاء والأنصار.
حين يتكرر هذا السلوك، تصبح حياة الحزب أشبه بساحة صراع داخلي دائم، حيث يتم التعامل مع أي نشاط إيجابي وكأنه منافسة غير مرغوبة بدلاً من كونه مكسباً مشتركاً فتجد أن المحاضرة التي كان من الممكن أن تُكسب الحزب معرفة جديدة يتم إفشالها عبر تغييب الحضور أو نشر شائعات حول المحاضر والمبادرة التي كان من شأنها تعزيز التواصل مع القواعد الشعبية تُحبط بقرارات إدارية معطِّلة أو بتقليل أهميتها في الإعلام الحزبي وحتى الخطط التنظيمية التي وُضعت بعناية لتحديث آليات العمل، قد تُركن على الرف لمجرد أن صاحبها لا ينتمي إلى الدائرة المقرّبة من مراكز النفوذ.
الأخطر من ذلك أن هذه التصرفات لا تكتفي بإضعاف المبادرات نفسها، بل تضرب روح الفريق، وتزرع الإحباط في نفوس الأعضاء النشطين فكل من يشاهد زميلاً له تُحبط جهوده بغير حق، يدرك أن مصيره سيكون مشابهاً إن حاول الإبداع أو التغيير وهكذا، يختفي الحماس، ويتراجع الإنتاج، ويتحول الحزب إلى هيكل تنظيمي جامد، لا يتقدم ولا يتطور. ومع الوقت، ينحسر دور الحزب في الحياة السياسية، وتذبل علاقته بجمهوره، لأنه لم يعد يملك ما يقدمه من أفكار أو إنجازات جديدة.
هذه الظاهرة لا تقتصر على حزب أو بلد بعينه، بل هي آفة سياسية شائعة، تتكرر في أحزاب اليمين واليسار، في الديمقراطيات والأنظمة المغلقة على حد سواء وعندما يُترك هذا المرض الخفي لينمو، فإنه يعمل كسم بطيء يفتك بالبنية التنظيمية والفكرية للحزب، ويجعل سقوطه مسألة وقت.
ومن المهم التأكيد في الختام أن هذا النص لا يقصد حزباً أو شخصاً بعينه، بل يصوّر حالة عامة تعيشها العديد من الأحزاب في مختلف البلدان إنها مشكلة تتجاوز الجغرافيا والانتماءات، وتكشف أن العدو الأخطر لأي تنظيم سياسي قد يكون في داخله، لا خارجه.
الكاتب من الأردن