فادي السمردلي يكتب: فيلم الإرهاب والكباب المنظومات وسحقها للحقوق الأساسية للأعضاء

بقلم فادي زواد السمردلي  ….

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

 

فيلم الإرهاب والكباب ليس مجرد كوميديا سوداء، بل صرخة مدوية ضد منظومة كاملة تتعامل مع الإنسان كما لو كان رقماً بلا قيمة، وكأن وجوده عبىء يجب إزالته أو تحجيمه فتبدأ القصة بموظف بسيط يدخل مجمع التحرير لإنهاء إجراء إداري تافه، لكنه يكتشف فوراً أن ما يظنه نظاماً لخدمة المواطنين هو شبكة من البيروقراطية القاتلة فأوراق تُطلب وتُعاد، توقيعات تنتقل من مكتب إلى مكتب، موظفون يرفضون التعاون أو تقديم أبسط خدمة، وجدران صمت واستعلاء تجعل من الروتين اليومي كابوساً لا يطاق ومع تراكم القهر والضغط النفسي، ينفجر غضبه فجأة، ويجد نفسه يحمل سلاحاً بالصدفة ويحتجز رهائن، ليُصوَّر كـ”إرهابي”، بينما هو مجرد ضحية خلقتها المنظومة وسوء إدارتها.

المطالبة في الفيلم لم تكن شيئاً كبيراً أو تعجيزياً، بل مجرد وجبة كباب للجميع، وهو رمز ساخر ومرير لأبسط الحقوق التي يُستكثر على الأعضاء الحصول عليها داخل المنظومات فالكباب هنا ليس طعاماً، بل تمثيل للعدالة، للكرامة، للحق البسيط الذي يُرفض لأسباب وهمية تماماً كما يحدث في الواقع، فالمنظومات تحوّل المطالب الأساسية إلى تهديدات، والحقوق الطبيعية إلى مشاكل، والاعتراض المشروع إلى جريمة، لتبرر استعلاءها وتعنتها.

المنظومات كما يكشف الفيلم، ليست مجرد أدوات تنظيمية، بل كيانات متوحشة تمتص الأعضاء تدريجياً، تبتلع طاقتهم، وتستنزفهم حتى ينهاروا، ثم تلقي عليهم اللوم على ضعفهم فكل صوت يطالب بالحقوق يُسجّل كخطر، كل محاولة للحفاظ على الكرامة تُصنف كتمرد، وكل فرد يصر على إنسانيته يُوصم بأنه خارج النظام وبينما يحاول الأعضاء البقاء على قيد الحياة والكرامة، تزداد المنظومات جبروتاً واستعلاءً، مستغلة كل ثغرة لإعادة إنتاج نفسها على أساس الخضوع والخوف والصمت.

رمزية طلب الكباب تكشف القسوة الحقيقية للمنظومات فالمطلب لم يكن رفاهية، بل أبسط حق يمكن للإنسان أن يطلبه ومثلما يُستكثر عليهم الحصول على وجبة كباب، يُستكثر على الأعضاء الحصول على العدالة، الشفافية، الاحترام، أو حتى مجرد حماية كرامتهم اليومية فالعطب هنا ليس في الأعضاء، بل في قلب المنظومة نفسها، التي فقدت جوهر وجودها وأصبحت آلة استنزاف وقمع.

الفيلم يقدم درساً صارخاً فحين يُضطر الإنسان إلى تقليص مطالبه إلى أبسط الحقوق، فهذا دليل على انهيار المنظومة أخلاقياً قبل أن تنهار عملياً فأي منظومة تستمر في استنزاف أعضائها وتحويل أبسط الحقوق إلى تهديد، فهي تعلن إفلاسها الذاتي، لأنها لم تعد قادرة إلا على إنتاج الظلم واستغلال الأعضاء وتحطيم كرامتهم فالكباب في الفيلم هو رمز للحقوق المهدورة، اختبار صارخ لقدرة المنظومات على التعامل مع الأعضاء ككائنات بشرية لها قيمة وكرامة، لا مجرد أرقام لتدور في دوائر الروتين القاتل.

الحقيقة الصادمة أن أي منظومة تستكثر أبسط الحقوق، وتحوّل المطالب البسيطة إلى جريمة، لا تضر الأعضاء فحسب، بل تكتب نهاية نفسها.فالعضو قد يتحمّل ويصبر، لكنه حين يصل إلى مرحلة يُحاكم فيها على أبسط مطالبه، يصبح السؤال واضحاً “هل يستحق العضو العقاب؟” لا، بل السؤال الأهم “هل تستحق المنظومة البقاء؟”. هذا هو الدرس الأعمق الذي يقدمه الفيلم، عبر صرخة الموظف، عبر رمزية الكباب، وعبر كل موقف يعكس سوء تعامل المنظومات مع من يُفترض أنها تخدمهم.

وفي الختام نؤكد ، بإن هذا المقال يعبر عن وضع عام وظواهر اجتماعية وإنسانية عامة، ولا يُقصد به أي منظومة بعينها أو أشخاص محددين، وأي تشابه مع وقائع أو كيانات أو شخوص هو مجرد مصادفة غير مقصودة.

قد يعجبك ايضا