فادي السمردلي يكتب:التجاهل والتعالي قناع الشخص الزائف والضعيف

بقلم فادي زواد السمردلي  ….

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

👈 *المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*👉

التجاهل والتعالي هما من أبرز السلوكيات التي تكشف عن هشاشة داخلية وضعف متجذر في الشخصية، رغم أن من يمارس هذين السلوكين يحاول الظهور بمظهر القوة والسيطرة فالشخص المتجاهل والمتعالي يسعى باستمرار إلى التفاخر والظهور كأنه أكبر وأهم من الجميع، بينما الحقيقة تكشف عكس ذلك تمامًا فهو الأقل بينهم من حيث النضج والثقة الحقيقية بالنفس وفي مجال العمل العام تحديدًا، حيث تُعتبر المسؤولية والعمل الجماعي أساس النجاح، يصبح هذا السلوك أكثر تدميرًا، إذ يعيق تحقيق الأهداف المشتركة ويخلق بيئة من النفور والتوتر بين الاعضاء والزملاء فالشخص الذي يتجاهل الآخرين ويتعالى عليهم، متناسيًا أنه جزء من منظومة عمل متكاملة، يفتقد القدرة على بناء علاقات صحية، ويظهر عاجزًا عن التفاعل الإيجابي الذي يتطلبه هذا النوع من العمل.

التجاهل ليس مجرد فعل سلبي فهو عقدة نقص وهو رسالة متعمدة من الشخص المتعالي بأنه يرى الآخرين أقل منه قيمة وأهمية وهذا التصرف ليس دليلًا على القوة، بل على خوف دفين من المواجهة أو الانخراط في نقاشات قد تكشف محدودية معرفته أو ضعف خبراته والتعالي، من جهة أخرى، يُظهر هذا الشخص وكأنه يحاول تعويض شعوره بالنقص من خلال خلق صورة زائفة عن نفسه وفي كثير من الأحيان، يتجلى هذا السلوك في كلمات مليئة بالغرور أو في تجاهل الآراء والأفكار التي يطرحها الآخرون، مما يخلق حالة من النفور وعدم الاحترام المتبادل.

في العمل العام، الذي يتطلب التواصل والتعاون لتحقيق مصالح مشتركة، يصبح الشخص المتعالي عبئًا على فريقه بدلًا من أن يكون إضافة فهو لا يعترف بأهمية زملائه، ويقلل من مساهماتهم، مما يؤدي إلى خلق فجوة كبيرة بينه وبين المحيطين به وهذه الفجوة لا تؤدي فقط إلى عزله نفسيًا واجتماعيًا، بل تسهم أيضًا في إضعاف روح الفريق، مما قد يؤثر بشكل مباشر على الإنجاز والنجاح وفي الحقيقة، المتعالي قد ينجح في إيهام نفسه بأنه “الأكبر”، لكنه يخسر تقدير الآخرين واحترامهم، ليصبح في أعينهم أصغر شخصية موجودة في الميدان.

على النقيض من ذلك، الشخص المتواضع هو الذي يترك بصمة حقيقية في العمل العام أو أي مجال آخر فالتواضع يعكس ثقة بالنفس ووعيًا عميقًا بقيمة الذات والآخرين على حد سواء والمتواضع يتعامل مع الجميع باحترام وصدق، يدرك أنه ليس كاملًا، لكنه يتعلم من أخطائه، يستمع للآخرين، ويعترف بأفكارهم فهذا السلوك لا يجعل الشخص فقط محبوبًا، بل يمنحه مكانة عالية في قلوب الناس *”من تواضع لله رفعه.”* فإن التواضع قوة حقيقية تمنح الإنسان رفعة في الدنيا والآخرة.

الحكمة تقول إن العظمة الحقيقية تكمن في أن ترى نفسك جزءًا من منظومة، تسعى لخدمتها بإخلاص وتقدير أما الشخص المتعالي الذي يرى نفسه محور الكون، فهو كمن يقف على أرض هشة قد تنهار في أي لحظة فتجاهله للآخرين وتعاليه عليهم قد يمنحه شعورًا مؤقتًا بالتفوق، لكنه يفقده العلاقات الإنسانية التي تُعد أساس النجاح والتوازن.

في النهاية، التجاهل والتعالي لا يعبران عن القوة، بل عن قناع هش يخفي شخصية ضعيفة ومهزوزة أما التواضع فهو طريق النجاح الحقيقي، لأنه يعكس شخصية ناضجة وواعية تدرك أن الإنسان لا يكبر بالتفاخر، بل بالتواصل الصادق مع الآخرين، وبنشر الاحترام والتقدير فالعمل العام يتطلب هذه القيم، لأن التعاون هو الذي يصنع الفرق، بينما الكبرياء والتجاهل لا يخلّفان سوى العزلة والفشل.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا