استقلالية إدارة مكافحة المخدرات ضرورة وطنية
بقلم العميد المتقاعد هاشم المجالي………
مولاي جلالة الملك المعظم .
دولة رئيس الوزراء الأكرم .
باديء ذي بدء أحب أن أقول بأن ما كتبته واكتبه هو نتاج لخبرة طويلة بالعمل في إدارة مكافحة المخدرات التي كنت قد تشرفت بالخدمة فيها وزاملت فيها معظم شهدائها وشهداء الوطن الذي قضوا في مكافحة المخدرات ، هذه الإدارة التي تستحق ان يشعر افرادها وضباطها بالإستقرار الوظيفي والمالي واللوجستي ، وأن لا تكون خاضعة لإدارات وقيادات لم تعمل في ادارة مكافحة المخدرات ولا تعرف قيمتها ووزنها ، وما دفعتي للكتابة كان نتيجة ما حصل بالماضي القريب حين قام احد مدراء الأمن العام السابقين وبناء على موقف شخصي له من مدير سابق لإدارة مكافحة المخدرات كان قد طلب منه خدمة فيها مخالفة للقانون حيث رفض مدير الإدارة السابق تنفيذها ،فقام مدير الأمن بذلك الوقت بالأنتقام منه ومن معظم ضباط الإدارة الذي كانوا من ذوي الخبرة الطويلة والمهنية العالية والنزاهة المشهودة ، وهذا مما جعل مافيات وعصابات المخدرات يستغلون هذه الفجوة والخلاف والإنتقام مما أدى إلى زيادة في نشاطاتهم وإنتشار لآفة المخدرات بشكل لم يسبق له مثيل ، ولهذا نرجوا الله أن لا يتكرر هذا الموقف بالمستقبل ويجب معالجتة والى الأبد .
إن قضية المخدرات لم تعد مجرد جريمة جنائية تُعالج كما تُعالج باقي القضايا في أقسام الشرطة، بل أصبحت خطرًا يهدد كيان الدولة وأمن المجتمع بكل أبعاده.
الشرطة بمختلف إداراتها تتعامل مع شكاوى المواطنين وقضاياهم الاجتماعية والاقتصادية التي تنتهي بالتصالح أو تحويلها إلى المحاكم، وهي قضايا عادية بين أفراد المجتمع. لكن إدارة مكافحة المخدرات مختلفة تمامًا، فهي لا تنتظر الشكوى، بل تبحث عن الجريمة، وتتعامل مع عصابات منظمة تمتلك المال والسلاح والإمكانات، وتعمل عبر شبكات محلية وإقليمية ودولية.
إن خطورة قضايا المخدرات لا تقف عند حدود شخص متعاطٍ أو تاجر صغير، بل تمتد لتؤثر على:
سمعة الوطن وهيبته أمام العالم.
اقتصاده باستنزاف موارد الشباب والإمكانات.
صحته من خلال انتشار الإدمان والأمراض.
أمنه النفسي والاجتماعي عبر تفكك الأسر وزيادة معدلات الجريمة.
استقراره السياسي لما لهذه الآفة من ارتباط بجرائم الإرهاب وغسيل الأموال.
ولذلك فإن إدارة مكافحة المخدرات ليست كغيرها من الإدارات، فهي في الحقيقة جهاز أمني سيادي بامتياز، إذ إن قضاياها تُحال مباشرة إلى محكمة أمن الدولة، ويطبق عليها قانون جرائم أمن الدولة، وهذا بحد ذاته دليل على أن المخدرات قضية أمن وطني.
وعليه، فإن بقاء هذه الإدارة تابعة لمديرية الأمن العام قد يحد من إمكاناتها، بينما الحاجة الوطنية تفرض أن تكون مستقلة إداريًا وماليًا ووظيفيًا، وترتبط مباشرة بوزارة الداخلية أو برئاسة الوزراء، تمامًا كما هو الحال مع مؤسسات وطنية مستقلة مثل مكافحة الفساد أو الهيئة المستقلة للانتخاب.
مولاي المعظم / دولة الرئيس،
إن استقلالية إدارة مكافحة المخدرات ليست ترفًا إداريًا، بل ضرورة وطنية تفرضها طبيعة عملها وخطورة مهامها، وهي في سلم الأولويات الأمنية أهم من كثير من الإدارات والهيئات المستقلة.
حفظ الله الوطن وقيادته من كل شر، وحمى أبناءه من هذه الآفة المدمرة.
الكاتب من الأردن