نكتب لفقد سيد شهداء الأمة سماحة السيد حسن نصر الله رحمه الله وأدخله فسيح جناته…
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي…
في الذكرى الأولى لإستشهاد سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله رضي الله عنه وأرضاه، أقام الشعب اللبناني كافة ومن كل الشرائع والطوائف والمذاهب والقوميات ذكرى عظيمة تليق بمقام الشهيد الكبير والأعظم، لتكون ذكرى عز وفخار لرجل عظيم فقدته الأمة والإنسانية كاملة لأنه كان يجمع ويوحد ولا يفرق، ولم تفقده طائفته وحزبه المقاوم وأهله وذويه فقط، فهو قامة كبرى وقائدا عظيما ونموذج بطولي لم يمر في تاريخ لبنان العظيم مثله، منذ بدايته في الثمانينات مرورا بالإنتصارات الكبيرة التي حققها على الكيان الصهيوني والتحرير الذي حققه لقرى ومدن الجنوب عام ٢٠٠٠ وانتصار عام ٢٠٠٦ وإنتصاراته على الدواعش في سورية ومعركة الجرود إلى مساندة أهلنا في غزة العزة بمعركة العز والفخار طوفان الأقصى، لغاية الإنتصارات اليومية التي حققها على ذلك الكيان الصهيوني وداعميه الصهيوغربيين إلى يوم إستشهادة العظيم الذي هز الدنيا وفي كل مكان من العالم….
ففي مثل هذا اليوم فقدنا قائدا عظيما ومعلما وأميرا ومقاوما ورجل دين حقيقي ومرشد لكل الشعب اللبناني ولكل شعوب الأمة والإنسانية، وفي هذه المناسبة العطرة تعجز الكلمات أمام ذكرى إستشهاد هذا القائد العظيم، والذي أجمع كل الشعب اللبناني وشعوب الأمة والإنسانية وليس فقط شعوب محورنا المقاوم على إحترامه وتقديره ومحبته التي سكنت قلوبهم وعقولهم في حياته وشهادته العظيمة والتي كان يتمناها طيلة حياته، بأن يموت شهيدا في سبيل الله وفي المعركة الكبرى مع ذلك الكيان الصهيوغربي النازي، وقد كان صادقا مع الله في مطلبه ليكون شهيدا، وقد حقق الله طلبه وأمنيته فكان الشهيد الأعظم والأسمى والأرقى والأنبل في زمن الصمت العربي والإسلامي والعالمي المخزي، إستشهد في سبيل قضية إنسانية أممية سامية للدفاع عن الشعب المظلوم في غزة وفلسطين ومساندته مهما كانت التضحيات كما كان يقول رحمه الله وأرضاه في خطاباته قبل الشهادة…
فقد كانت مقاومته ومساندته تحمل روحه الطاهرة المطهرة المحبة لكل الشعب اللبناني والفلسطيني والعربي والإسلامي والإنساني بكل لحظة وكل يوم إلى طريق الشهادة العظيم، فلم يناقش أحدا ممن إنتقدوه وحاربوه، ولم يتكبر عليهم ولكن كان يشرح لهم معاني المساندة والتضحية والوقوف بجانب قضية سامية للأمة والإنسانية جمعاء، وهي مساندة شعب غزة العزة الأعزل الذي يتعرض لأبشع إبادة جماعية متنوعة ومستمرة لم يمر مثلها في تاريخ الحروب العالمية وتاريخ الإنسانية جمعاء، ولم يزاود على أحد من حلفائه وأعدائه في الداخل اللبناني وخارجه بل كان يقول لهم أن باب المساندة لشعبنا في غزة مفتوح للجميع مقاوميين وشعوب وجيوش ودول وقادة، وكان يذكرهم بأن عدونا المشترك هو الكيان الصهيوني النازي المتوحش وداعميه في الغرب المتصهين، واليوم الإبادة في غزة وفلسطين وغدا ستكون في دولكم وقد تحقق ما كان ينبه منه قادة العرب والمسلمين والعالم أجمع…
وقد تعامل سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله رحمه الله وأرضاه مع الداخل والخارج بالإحترام والمحبة والتذكير الدائم بما يخطط له ذلك الكيان الصهيوغربي لفلسطين والمنطقة برمتها، فكانت معاملته تدل على أنه قائدا إستراتيجيا كبيرا تعامل مع الجميع بكل صدر رحب وأستوعبهم رغم معاداته والمؤامرات عليه من الداخل والخارج، وهذا كان تعامله قبل أن يعين أمينا عاما لحزب الله وبعد تعينه إلى يوم إستشهاده العظيم، خدم وطنه لبنان وشعبه بكل إمكانياته ودافع عنه وحرر مدنه وقراه وقدم إبنه شهيدا فداء لبنان والأمة كاملة، نعم لقد فقدنا سيد شهداء الأمة وهو في قمة عطائه، كما فقدنا غيره من القادة المقاومين في لبنان وفي غزة وفلسطين وسورية والعراق واليمن وإيران، وكل الأبطال والأحرار والشرفاء الذين حملوا هم أوطانهم وقضية أمتهم فلسطين المحتلة، وكما فقدنا قبلهم من قادة عظماء وشهداء أجلاء من الأمة وقادتها وجيوشها ومقاوميها وأحرارها ضحوا بالغالي والنفيس وحتى بدمائهم وأرواحهم وفلذة أكبادهم، ولم يطلبوا شيئا مقابل تضحياتهم العظيمة، لأنهم مؤمنين حقا بلقاء الله ويعلمون أن كل تضحياتهم كانت وستبقى في سبيل الله ومحاربة أعدائه الصهيوغربيين والدفاع عن الأمة العربية والإسلامية بل عن الإنسانية كاملة…
نعم نشعر بالحزن والألم وفاجعة الفقد لأننا أفتقدنا قائدا عظيما ورجلا نبيلا ومقاتلا صلبا وإنسانا رحيما بأمته شديدا على أعدائها، لم يمر مثله بتاريخ الأمة منذ عقود بل منذ قرون، وما يخفف عنا أننا نؤمن بقضاء الله وقدره ونعلم أن شهدائنا أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله، ونعلم بأن فكرتهم لم ولن تموت وتنتهي بشهادتهم فقد أعدوا للأعداء أجيالا من المقاوميين جيلا يستلم الراية من جيل في ميادين العز والفخار والمقاومة والبطولة والنصر والشهادة في سبيل الله، وقد لا يدرك البعض الذي يطالب بنزع سلاح المقاومة من مقاومي غزة وفلسطين ومن حزب الله…وغيرهم معنى الشهادة العظيمة بالنسبة لنا كمقاوميين حقا نحارب أعداء الله والأمة والإنسانية جمعاء رغم كل التضحيات العظيمة، لأنهم لا يدركون أهمية هذا السلاح لحمايتنا وحماية شعوبنا وأوطاننا من هؤلاء الأعداء الصهيوغربيين، ويا للعجب أنه في الوقت الذي تعمل كل دول العالم على زيادة إنتاج أسلحتها وبشكل يومي، يطالبنا الصهيوغربيين بنزع سلاح محور المقاومة فاليوم يطالبون بنزع سلاح محور المقاومة، وغدا ومباشرة سيطالبون بنزع سلاح الجيوش العربية والإسلامية، وبالذات الجيش المصري والأردني أتعلمون لماذا…؟ لأن هؤلاء الصهيوغربيين يجهزون أنفسهم لحرب القوة والسيطرة على العالم أجمع حسب أفكارهم الصهيويهودية إنجيلية تلمودية….
وهم يضعون بحساباتهم أنه قد تقع حربا عالمية ثالثة كبرى، وإن وقعت يجب أن تكون منطقة الشرق الأوسط كما يسمونها خالية من السلاح، حتى يتم السيطرة عليها مباشرة وتكون ضمن نفوذهم إذا حصلت متغيرات دولية قادمة قبل تلك الحرب العالمية أو أثناء وقوعها أو بعد نهايتها، فمحور المقاومة يعلم جيدا أهمية هذا السلاح للمقاوميين وللجيوش أيضا لحماية شعوبنا مما يخطط لها في دهاليز الغرف الصهيوغربية المغلقة، ولكن هناك من لا يقدر أهمية هذا السلاح في هذه المرحلة وما بعدها أي مستقبلا، لأنهم ما زالوا تائهين بوعود وعهود قادة أمريكا والغرب ويراهنون عليهم، وهم لا يدركون حب الوطن والأرض والمقدسات والدفاع عن حياة شعوب الأمة والوجود على هذه الأرض المباركة إلا أن يتحقق النصر النهائي والتحرير القادم بعون الله تعالى لفلسطين ولكل منطقتنا من دنس هؤلاءالأعداء الصهيوغربيين وكيانهم الصهيوني الزائل قريبا…
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي…
كاتب ومحلل سياسي…
الكاتب من الأردن