فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ

كتبت / عبير الجنيد  ….

 

عامان على الطوفان، طوفان غيَّر مجرى المعادلة، وقلب موازين المعركة، وتحولت المعركة من الدفاع إلى الهجوم، طوفان أثبت للعالم أجمع أن أبناء فلسطين هم أصحاب الحق وأصحاب القضية، وأن الشعب الفلسطيني متجذر في أرضه وملتف حول مقاومته ومتمسك بحقه ضد مخططات التصفية والتهجير القسري.. فكان صمود أبناء غزة سبباً في نصر مقاومتهم.

عامان من طوفان أغرق دولة الكيان المزعوم، هذه الذكرى التي خلَّدها التاريخ وهي من أيام الله، خلَّدها لتصبح قضية عالمية عصية على النسيان. عامان من الصمود الأسطوري، عامان من الثبات والصبر والتضحية، عامان من الانتصار، والكيان المزعوم عاجز عن إخماده.

طوفان أغرق المنطقة بأسرها وكشف وفضح حكام العرب، فالقضية هي قضية الأمة بأسرها. عامان من التخاذل والمواقف الصريحة والمعلنة والتطبيع مع العدو. عامان وجبهات الإسناد أثبتت صدقها في أن قضية الأمة المركزية هي قضية فلسطين، وسقطت المزاعم والنظريات والزيف والتضليل حول محور المقاومة، وأثبت المحور وحدة الساحات.

وانطلقت بعد انطلاق عملية طوفان الأقصى ولم تتوانَ أو تتخاذل أو تصمت، ليس خوفاً من أحد، بل تحركت جبهات الإسناد لمساندة غزة بعد انطلاق عملية طوفان الأقصى، رغم أن لديها الكثير من المبررات وقتها لتصمت، حينما سكتت دول الجوار عن فلسطين وتخاذلت وكان الصمت جوابها، بل وهي مستعدة لتسليم رقاب الفلسطينيين للعدو الإسرائيلي.

لم يصمت محور المقاومة حينما غضَّ حكام العرب الطرف عن القضية، بل وسعوا جاهدين لدعم الإسرائيليين في الوقت الذي كانت فيه غزة تنزف وأبناؤها يموتون بين القصف والجوع. تحركت جبهات الإسناد لدعم أبناء غزة لأنها قضيتهم الأولى، تحركت ليس من باب الشجاعة والشهامة بل من باب الالتزام الإلهي، فمهما كانت التبعات والعواقب وما يترتب عليها من حروب إن ساندت غزة، فهي أهون لديها من عقاب الله إن صمتوا وتخاذلوا. تحركوا خوفاً من الله حين يسألهم: لماذا تخاذلتم..؟

فقدَّمت لبنان رجالها وأبناءها في هذه المعركة، تحركت جبهة إسناد حزب الله وهي تعلم أنها لن تسلم من هذه الحرب وأن التضحيات جسيمة، ولكنهم كانوا يعلمون أن هذه المعركة لابد فيها من التضحيات، ليس هناك انتصار بدون تضحية، وكانوا أصحاب يقين بقول الله عز وجل: (وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ). قدَّموا ما لا يمكن لأحد أن يقدمه في هذه المعركة، وتعهدوا غزة بدمائهم وأشلائهم، وبدأوا معركتهم بسورة النصر لتكون غايتهم سورة الإسراء.

وقدَّموا في هذه المعركة قاداتهم ليصطفيهم الله في أعظم معركة شهدها التاريخ، وتحركت جبهة اليمن وانطلقت الصواريخ والمسيرات ليجسِّدوا قول الله: “وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ” حاملين النبأ “إن لغزة لمنتقمون”. واستخدمت جبهة الإسناد في اليمن أوراقاً وعمليات لم تستخدمها في حرب التحالف الغاشم على اليمن، بل استخدمتها “ليوم إسرائيل الأسود”. وكل الخطوط الحمر أسقطتها اليمن ثأراً لدماء تُسفك في فلسطين المحتلة على مرأى ومسمع عالم صلى صلاة الصمت ليشترى الصمت ويبيع الضمائر.

فأعلنتها اليمن قيادةً وشعباً وجيشاً: تُعلنها رسمياً “لستم وحدكم”. فأغلقوا البحر قائلين للمقاومة في فلسطين: المضيق بأيديكم، فإن شئتم أغلقناه حتى يوقف العدوان ويرفع الحصار عنكم. فاليمن لا تهاب تهديداً إسرائيلياً أو تهويلاً أمريكياً، ولا يوقفها عن مساندة غزة أساطيل بحرية أو حاملات طائرات، ولا تخضع لإملاءات غربية.

وانطلقت صواريخها ومسيراتها وعملياتها التي هزت عمق إسرائيل، وتجاوزت القبب الحديدية وتخطت الأنظمة الدفاعية لقصْفِ أَرَاضي فِلسْطِين المُحتلة وتقذف الرعب والخوف في قلوب المستوطنين بعد طغيانهم. واختلطت الدماء اليمنية مع دماء أهل غزة، فما بين الجميع تجارب متشابهة: عدوان وحصار وإبادة وتخاذل عربي وتآمر دولي.

لتقف اليوم صامدة في الذكرى الثانية لعملية الطوفان لتعلن كما أعلنت في الأيام الأولى من عملية طوفان الأقصى أنها ستبقى جبهة إسناد صامدة لتقول لأهل غزة: “لستم وحدكم”. فما زالت صواريخنا جاهزة، والمضيق بأيديكم، إن أوقفوا العدوان عليكم وارفعوا الحصار نقف، “وإن عادوا عدنا وعاد الله معنا”.

الكاتبة من اليمن

قد يعجبك ايضا