السقّاطة صارت واجهة إعلامية للسوشال ميديا

بقلم العميد المتقاعد هاشم المجالي ……….

يا وطني…
كم مرّةٍ حاولتَ أن تصرخ، فكمّوا فمك بحديثٍ تافهٍ عن “تورتةٍ لم تعجب الزوجة”؟
كم مرّةٍ نزفتَ من جوعٍ أو قهرٍ، فغطّوا دمك بصورةٍ ملونةٍ من نكد اعترى احتفالات عيد ميلاد الزوجة في دولة اروربية ؟

الناسُ تُصفعُ بالأسعار،
تُهانُ عند أبواب المستشفيات،
تُدفنُ في ديونها حيّةً،
ثمّ يخرج من بيننا من يتصدّر الشاشة ليحكي عن خادمته التي هربت…!

أيُّ وجعٍ هذا؟
أصرنا في زمنٍ تُقاس فيه قيمةُ الإنسان بعدد متابعين لا بعدد نبضات؟
أتُستبدلُ الحقيقةُ بترندٍ عابرٍ كعُطرٍ رخيص؟

يا إعلام التفاهة، يا من لبستم وجه الوطن قناعًا من الغباء،
من قال إنّ الناس بحاجةٍ إلى سخافاتكم؟
من قال إنّ الجائعَ يريد أن يسمع عن مأساةِ “تورتةٍ فاسدةٍ”؟

في كلّ بيتٍ حكايةُ وجع،
وفي كلّ شارعٍ شهقةُ فقر،
وفي كلّ عائلةٍ خيبةُ أملٍ تسكنُ الصدر كحجرٍ لا يتحرّك…
لكنّكم لا ترون،
أنتم مشغولون بعدّ الإعجابات،
وابتكار العناوين الصفراء،
وتسويقِ الحماقةِ في علبٍ لامعةٍ تُسمّى “محتوى”.

يا وطني،
اصبرْ على غياب الحقيقة،
فقد صار الكذبُ مهنةً،
وصار الضجيجُ أداةَ رزقٍ لمن لا يعرف كيف يصمت.

ولعنَ الله كلَّ من جعل من التفاهة مَجداً،
ومن الغباءِ منبراً،
ومن جراح الناسِ عرضاً ترويجياً لبرنامجٍ على الهواء.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا