فقر مدقع أم إفقار مفزع

بقلم الناشطة السياسية : باسمة راجي غرايبة  …..

في هذه المرحلة الخطيرة والصعبة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط باكملها وبعد وقف الحرب على غزة وتوقيع بنود وقف إطلاق النار وإعادة الإعمار لغزة وإستمرار المشروع الصهيو أمريكي (( الشرق الأوسط الجديد والإبراهيمية)) التي ستغير خارطة منطقة الشرق الأوسط وهذا التغيير لن يكون بعيدا عن الأردن بخطورته بسبب موقعه الإستراتيجي وإرتباطه الوثيق بالقضية الفلسطينية ، حيث يواجه الأردنظروفا سياسية واقتصادية صعبة جدا تكمن في الحفاظ على سيادته وأمنه واستقرارة والوقوف ضد المشروع الصهيوني التوسعي ومواجهة خطر ضم الضفة الغربية ومشروع الوطن البديل ،
حيث يواجه الأردن أيضا ظروفا إقتصادية صعبة تتمثل بزيادة المديونية لصندوق النقد والبنك الدولي والاملاءات التي يتم توجيهها كوسيلة ضغط إقتصادية للقبول بالمشروع الصهيو أمريكي، وهذا بالطبع ليس خطرا طارئا بل نتيجة حتمية للممارسات الصهيونية والتوسع الإستيطاني باتجاه الأردن ، فالمديونية في إزدياد مستمر نتيجة التبعية والأرتهان لصندوق النقد الدولي وإعتماد إقتصاد الأردن على المنح والمساعدات والاقتراض يحول مفهوم(( الفقر))الذي يمكن القضاء عليه من خلال مشاريع التنميه ورفع ناتج الدخل الوطني , إلى مفهوم هيمنة إقتصادية و ((إفقار)) للشعب الأردني نتيجة للتبعية .
فاذا أردنا التحدث عن إحصائيات نسبة الفقر سواء كانت نسبا أو أرقاما حقيقية أم نسبا غير حقيقية لتجميل الواقع الذي يعيشه الشعب الأردني لابد لنا أن نتحدث عن واقع جوهري وهو (( سياسة الإفقار)) التي إنتهجتها الحكومات المتعاقبة التي إتخذت من نهج الليبرالية الجديدة نهجا تراكميا وأتخذت قرراتها بتنفيذ سياسة الخصخصة وبيع مقدرات الوطن التي كانت تشكل ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني مما ادى الى إنخفاض موارد الدولة وإرتفاع نسب الفقر وتغيير بتشكيلة الدولة الطبقية فانهارت الطبقة الوسطى وارتفعت نسب الفقر ووصل المستوى المعيشي إلى مادون خط الفقر ، فزيادة المديونيةوالاقتراض لخدمة الدين العام أدى إلى زيادة نسبة الضرائب التي أثقلت الأسر الاردنية وجعل منها أسرا فقيرة لاتفكر سوى برغيف الخبز وسداد إحتياجاتها من مأكل وملبس وفواتير كهرباء ومياة التي تزداد يوما بعد يوم نتيجة فرض ضرائب جيدة وتغيير رسوم التعرفه بين الحين والاخر، ناهيك عن إرتفاع الرسوم الجامعية ، التي يتم دفعها للجامعات للحصول على شهادة جامعية تنتهي بوضعها داخل إطار على حائط غرفة الإستقبال بينما يذهب الخريجين إما للجلوس على أرصفة المقاهي او السعي مجددا للحصول على فرص عمل أخرى بعيدا عن تحصيله الأكاديمي الذي أنهك ميزانية الأسرة كالبحث عن عمل حر كسائق تكسي على التطبيقات الذكية أو كاشير في مطعم إذا وجد تلك الفرص.
الفقر أيضا أدى إلى ظهور مشاكل اجتماعية في المجتمع الأردني حيث تتجلى هذه المشاكل بإرتفاع نسب الطلاق بين الأزواج والتفكك الأسري بسبب ضنك العيش وأرتفاع الاسعار حيث نجد مايوثق ذلك في ساحات المحاكم الشرعية والمدنية بسبب الديون والفقر والبطالة والعنف، إن نسب الفقر لاتتمثل في الإحصائيات الرسمية المعلنة بل تتمثل في عدم الإعتراف بحجم الأزمة فالواقع أشد إيلاما وضنك العيش إنعكس ايضا على الحالة النفسية والعامة للأسر الأردنية وافرادها ، فالتجهم هو المشهد الإنساني الذي يعبر عن ذلك بينما نجد التصريحات الرسمية تطالعنا كل يوم مابين نوايا حقيقية لحل هذه الازمات من خلال وعود لزيادة الرواتب وتحسين مستوى المعيشة ورفع الحد الأدنى للأجور وفي الجانب الآخر تصريحات أخرى تدعوا المواطن الأردني لشد الأحزمة على البطون والصبر وتحمل الجوع وإستقبال قرارات حكومية جديدة بصدر رحب عند زيادة الضرائب وإرتفاع الأسعار بحجة أننا سنخرج من عنق الزجاجة وأن القادم أفضل
والله تعالى أعلم بماهو قادم.
.بقلم الناشطة السياسية : باسمة راجي غرايبة

الكاتبة من الأردن

قد يعجبك ايضا