فادي السمردلي يكتب: الكلمات لا تُنقِذ ميتًا حين تتحول المنظومات إلى جثث تتحدث

بقلم فادي زواد السمردلي  ….

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

👈 *المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*👉

الكلمات لا تُنقِذ ميتًا، مهما تزينت بالعبارات البراقة، أو صيغت بأرقى بيانات الإعلام، أو ارتفعت أصواتها في ميكروفونات تضج بالشعارات الوطنية فالميت لا يسمع، ولا يشعر، ولا ينهض، والكلمات أمامه بلا جدوى، فهي لا تستطيع إحياء ما غاب، ولا تلمس سوى الفراغ وهكذا هي المنظومات التي تصنع لنفسها صورًا براقة على شاشات التلفاز، وتكتفي بالحديث عن الإنجاز بينما الواقع الداخلي يئن تحت وطأة الفشل والجمود فهي منظومات تموت بصمت، لكنها تحاول أن تخدع الجميع بألوان مزيفة من الكلام والبيان، وكأن الجمال الخارجي يمكن أن يخفي العفن الذي ينخر جسدها كله.

هذه المنظومات لا تُبنى على الكفاءة ولا على المبادئ، بل على الاحتكار والخوف. تحتكر السلطة وتوزع المناصب على من لا يجرؤ على الاعتراض، على من يتبع الخطوط الحمراء دون تردد، على من يبيع الولاء بلا ضمير ويختبئ وراء الإذعان فهؤلاء هم الذين يجعلون المؤسسة تمشي ككائن بلا روح، والنتيجة هي جدران كبيرة فارغة، ومكاتب واسعة تعج بالجلوس والكسل، وصوت مرتفع بلا فعل حقيقي فكل صوت يجرؤ على قول الحقيقة يُطرد، وكل فكرة جديدة تُدفن قبل أن ترى النور، لأن الحقيقة بالنسبة لهم تهدد مواقعهم، والفكر الحر يفضح ضعفهم.

تخاف هذه المنظومات من الصندوق الانتخابي، ومن النقد الحقيقي، ومن كل اختبار يكشف هشاشتها وعجزها ويخشون التقييم لأنه يفضحهم، ويخشون الشفافية لأنها تحطم القناع الذي يلبسونه أمام الجمهور لهذا تجد خطابهم مليئًا بالكلمات الرنانة، لكنه خالٍ من الإنجاز، مليئًا بالشعارات، لكنه بلا محتوى، مليئًا بالابتسامات أمام الكاميرات، لكنه بلا ضمير أو روح فالمبادرات التي يعلنون عنها ما هي إلا أوراق توضع في الأدراج، خوفًا من أصحاب الفكر الذين قد يربطون هذه المبادرات بالواقع ويكشفون أنهم مجرد واجهة زائفة.

إنهم يكرهون أصحاب المبادرات والفكر، لأن هؤلاء يهددون سلطتهم، ويكشفون عجزهم عن القيادة الفعلية فلا يحاورون المفكرين أو المبدعين، بل يطردونهم ويضغطون عليهم، ويجعلون بيئة العمل مليئة بالخوف والخنوع، حتى يصبح كل من يملك رأيًا مستقلًا مصدر تهديد فهم يحبون من يمتلك الألقاب ولا يمتلك الإنجازات، ويكرهون من يعمل بصمت ويحقق النتائج فيخشون الوطني الذي يؤمن بالفعل لا بالكلام، ويهابون الإنسان الذي يقيس كل شيء بالنتائج وليس بالخطابات.

المنظومات الميتة تعتمد على الصورة الإعلامية، وتظن أن الكاميرات والتصريحات يمكن أن تحجب الفراغ الداخلي فيزعمون الوطنية، ويختبئون وراء كلمات الطمأنينة، لكن الحقيقة أن كل هذه الواجهات مجرد ديكور فلا أحد يسمع سوى صدى الكلمات، ولا أحد يرى سوى ظلالهم على الشاشة، بينما الداخل يئن من الموت البطيء الذي فرضه الاحتكار والخوف والفساد فالمبادرات التي قد تنقذ مؤسسة أو وطنًا تُقمع، والأفكار التي قد تعيد الإبداع تُدفن، والطاقات الحقيقية تُبعد عن دائرة الفعل، فقط ليظل القناع على حاله، والواجهة براقة كما لو أن كل شيء على ما يرام.

الكلمات لا تُنقِذ ميتًا، ولا تُعيد الروح إلى ما فقدها، فالميت لا يُحييه خطاب ولا بيان، ولا يمكن لأي صورة أن تخفي عار الموت بداخله وهكذا هي المنظومات التي ترفض الحقيقة، وتخاف المواجهة، وتختبئ خلف التصفيق والألقاب والشعارات ميتة من الداخل، عاجزة عن الحركة أو التجديد، لا حياة فيها سوى صوت الصدى الذي يتكرر بلا معنى وفي النهاية، مهما طال الزيف، سيبقى كل شيء ميتًا، لأن الحقيقة لا يمكن تزييفها، ولا يمكن للكلمات وحدها أن تحيي من فقد القدرة على النبض.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا