“الصراري” شموخ تنهَشُهُ الذئاب..!
– كوثر العزاوي- .. …
حينمــا تــتمكن بوصــلة الوجــدان إلــى استحضــار مآســي الشــعوب المستضــعفة تراهــا وهــي
تجوب العالم
تجــد خلــفَ كــل المآســي التــي نراهــا محطــة قمــعٍ واضــطهاد لــم تؤشــر عنــدها البوصــلة،
وتحـــت رمـــاد الصـــمت عقـــول لا تكـــُ ف عـــن البحـــث وتحليـــل الأمـــور ونشـــر معانيهـــا حتـــى
تصــل إلــى كشــف الســتار عــن ضــحايا قضــوا شــهداء ذهبــوا غيلــة، دمــاء نزفــت أجســاد
حُرقت، أرواحٌ أُزهقت!!
حقــّ ا عنــدما شــرعتُ بــالاطلاع، لــم أصــمد امــام الحقيقــة المفجعــة التــي تكــاد تكــون
ضــربًا مــن الخيــال! فأرغمــتُ نفســي بمواصــلة البحــث والقــراءة فــي ملــف فجــائع قريــة
“الصــراري” لأجــد مــا يشــيب لــه الرضــيع، ولعــل اشــدّ مــا يَعجــَ ب لــه الغيــور حينمــا يعلــم
أثنــاء الاطــلاع عــن وصــول المرتزقــة إلــى القريــة المنكوبــة بعــد الإجهــاز علــى أهلهــا
وممتلكاتهــا لأخــذ الصــور والتبــاهي بقتــل واعتقــال وتفجيــر بيــوت أهاليهــا الــذين فــُ رِض
الحصــار علــيهم، فيمــا يعمــد بــاقي قطيــع الــذئاب المســعورة إلــى إحــراق مــا تبقــى مــن
منــازل أبنــاء القريــة!! فــواالله ترانــي أكتــبُ وفــي داخلــي مــاردُ الغضــب الســاخط علــى واقــع
الظلـــم والجـــور الـــذي يحيـــق بأمـــة مـــن النـــاس لاذنـــب لهـــم ســـوى اتّبـــاع نهـــج آل محمـــد
“علــيهم الســـلام” ورغــم الألـــم الــذي ألـــَ مَّ بــي، إلـــّ ا أننــي حمـــدت االله تعــالى أن وفقنـــي
لكتابــة بعــض ســطور قــد لاتفــي حــق الوفــاء لمــن نشــترك معهــم فــي التضــحيات والفــداء
كوننــا نشــكّل عمقــً ا عقائــديًّا هــو مــن دواعــي فخرنــا، كمــا وأننــي أديــن بالعرفــان لإحــدى
الاخـــوات مـــن آل الجنيـــد وهـــي صـــديقة لـــي مـــن ذوي الأرواح الســـَّ محة الطيّبـــة الـــذين
ينبــذون الظلــم، وقــد وافــق أن قــرأت لــي مقالــً ا بشــأن الشــهداء فعرّفتنــي بقوافــل شــهداء
جريمــة الصــراري، إذ كــان هــو الــدافع لــي بكتابــة هــذا المقــال، خصوصــً ا وقــد علمــتُ أن
هـــذه الأخـــت الصـــديقة، قـــد تـــذوّقت وأهلهـــا وقبيلتهـــا مـــرارة الفقـــد الممـــزوج بحـــلاوة
الفــداء المعبــّ ق بنكهــة الشــهادة، ممــا حــدا بــي أن تــذكّرت مــاجرى علينــا وأهلونــا وأحبتنــا
أيــام النظــام البعثــي البائــد، وأثنــاء تجاذبنــا الحــديث الأخــوي والقضــية المشــتركة، إذ
بهــا تلفــِ ت نظــري مشــكورة إلــى قضــيةِ مأســاة فــي بقعــة مــن بقــاع يمــن الــولاء، إذ ثمــة
جريمـــة حـــربٍ ينـــدى لهـــا جبـــين الإنســـانية، وعمليـــة تطهيـــر أهـــوج لـــم يســـبق لغيـــر
وحـــوش البشـــر الـــدواعش أن قامـــت بهـــا، وثمـــة طائفـــة مـــن مرتزقـــة العـــدوان الســـعودي
الأمريكــي فــ ي محافظــة “تعــز فــي قريــة الصــراري” مــن الــيمن الجــريح قامــت بمجــازر
ينـــدى لهـــا جبـــين الإنســـانية وتقشـــعر لهـــا جلـــود ذوي الضـــمائر والشـــرف! والواقـــع أنـــي بحثــتُ فمــا وجــدت ســوى أخبــار خجولــة هنــا وهنــاك، فــي الوقــت الــذي يحكــي الواقــع
المريـــر لســـان حـــال مـــَ ن شـــَ هِد تلـــك المعانـــاة عـــن كثـــب مـــن شـــتى المم ارســـات القمعيـــة
وعمليــات الانتقــام الشــنيعة التــي تترفــع عــن وحشــيتها الوحــوش الكواســر لمــا جــرى مــن
عنــف وقتــل حــدّ التمثيــل بجثــث الضــحايا والمغــدورين، فضــلًا عــن اعتقــال العشــرات مــن
الأكـــابر والمرشـــد يـــن اصـــحاب الســـماحة والـــدّين، واقتيـــادهم الـــى جهـــة مجهولـــة لا
يُعــرَف شــيء عــن مصــيرهم وســط التعتــيم الإعلامــي ومنــع وســائل النشــر مــن الــدخول
الـــى القريـــة وتغطيـــة الأحـــداث الداميـــة، عجبـــً ا لحكايتـــكِ قريـــة الصـــراري مـــع ذئـــاب
الليــل الحانقــة وبهــائم النهــار البربريــة التــي لا تعــرف الرحمــة، فمــا عســاي القــول وقــد
عجـــِ زت كلمـــاتي عـــن الاصـــطفاف مـــع محنتـــكِ فـــي فنـــاء تضـــحياتكم أهـــل الصـــراري وآل
الجنيـــد، أنـــّ ى لصـــبركم وقـــد تكالبـــت علـــيكم قطيـــع الـــذئاب وقطـــّ اع الليـــل!! لا لشـــيء
ســوى أنكــم أهــل المســاجد وأصــحاب الشــرف المعلــّ ى واتبــاع أهــل بيــت العصــمة والطهــارة
“علــيهم الســلام” فلايســعني ســوى التســاؤل مســتهجِنة لمــا حــدث ويحــدث فــي الصــراري!
بينمــا لا تــزال الأمــم المتحــدة تغــض الطــرف عــن الجريمــة أن لــم تكــن تغــط فــي ســبات
عميـــق رغـــم فظاعـــة مـــا جـــرى، ولـــم تحـــرّك ســـاكنًا ولـــم يَســـْ تَثِرْ أيـــً ا مـــن المنظمـــات
العالميــة والحقوقيــة ومنظمــات المجتمــع المــدني ومقارعــة العنــف ضــميرًا إلــى تحرّكــً ا
يهزّ لهم ركنا!!
إنهــــا مأســــاة اســــمها الصــــراري والــــذئاب، وهــــي لا تختلــــف كثيــــرا عــــن تلــــ ك المآســــي
الإجراميـــة للـــدواعش والمرتزقـــة فـــي أكثـــر مـــن دولـــة، كمـــا عبثـــت بـــأرواح الآلاف بـــل
الملايــين مــن العــراقيين فضــلًا عــن الــدمار الحاصــل جــراء المفخخــات والعبــوات الناســفة
ومــــالحِق بالأســــواق والمــــدارس ودور العبــــادة والمستشــــفيات وغيــــر ذلــــك مــــن المرافــــق
الخدمية لأعوام طوال!
وحيــث جــاءت جريمــة الصــراري شــاهدة لتؤكــد هــي الأخــرى حقيقــة التواجــد الداعشــي
المســعور فــي تعــز العــزّة والإبــاء، وبمــا يثيــر الكثيــر مــن علامــات الاســتفهام عــن حقيقــة
التمـــدد الممـــنهج لفوضـــى العناصـــر التكفيريـــة برعايـــة قـــوى التحـــالف وعلـــى رأســـها
النظام السعودي السفاح ولامِن رادع!!
فسلامٌ على شهداء أهل الصراري،
شــــهداء نحــــوَ عــــرش االله قــــد عرَجــــوا، وجــــرى نــــزفهُمْ فــــي الأرض ولــــم يــــزل خضــــِ لًا
نديّا..ســـلام علـــى مـــَ ن بقـــي مـــنهم مـــن الصـــابرين، أولئـــك المُبتســـمين وفـــي أفئـــدتهم
خنـــادق أحـــزان، الـــذين قـــرّروا الوقـــوف كالشـــجر الشـــامخ الـــذي لاينكســـر إلا غـــدرا، ولا
تحســــبنَّ الــــذين “استُشــــهدوا” ر حلــــُ وا، إنمــــا بــــاقونَ فــــي الــــذاكرة أحيــــاء إلــــى الأزل،ِ
تحتضـــنهم تخـــوم الأرض كـــل الأرض، وفـــي الســـماء هـــم نجـــوم ترســـل أضـواء الصبر
الكاتبة من اليمن