كلهم لا يريدون الوحدة… وكلهم يثبتون الانقسام. والشعب بلا موقف وبلا إرادة**
بقلم د. تيسير فتوح حجّه ….
الأمين العام لحركة عدالة:
في كل مرة تُطرح فيها مبادرة للمصالحة، تُرفع الشعارات ذاتها، وتُلقى الخطب ذاتها، وتُعاد الوعود ذاتها التي اعتدنا سماعها لسنوات طويلة. وكأنّ الزمن الفلسطيني عالق في دائرة مفرغة؛ الأطراف السياسية تغيّر كلماتها، لكنها لا تغيّر أفعالها، ولا تقترب خطوة واحدة نحو الوحدة الوطنية الحقيقية.
فالانقسام، الذي أصبح نظام حكم بحد ذاته، لم يعد حالة طارئة، بل واقع صنعته القيادات، واعتادت عليه المصالح، وتعايشت معه القوى التي تُظهر في العلن رغبة في إنهائه، وتعمل في الخفاء على استمراره. وكل طرف يرفع شعار “الوحدة” بينما يمسك بيده الأخرى مفاتيح تكريس الانقسام.
لقد تحوّل الانقسام إلى بيئة منافع، وإلى حسابات حزبية وشخصية ورهانات إقليمية ودولية، تدفع الجميع نحو استمرار المشهد كما هو. فلا أحد مستعد لدفع ثمن الوحدة، ولا أحد مستعد للتنازل عن امتيازاته، ولا أحد يريد أن ينزل عن كرسيّه ولو خطوة واحدة.
وفي ظل هذا كله، يقف الشعب…
هذا الشعب الذي دفع أثمان الانقسام من قوته وكرامته ومستقبله، بلا موقف جامع، وبلا قوة ضغط، وبلا إرادة موحدة. انشغل الناس بالهموم اليومية، وتفرّقوا بين ولاءات صغيرة، حتى ضاعت منهم القوة التي كانت قادرة على فرض الطريق الصحيح.
اليوم، الحقيقة مؤلمة لكنها واضحة:
القيادات لا تريد الوحدة… والشعب لم يعد يمتلك الإرادة لفرضها.
وما بين قيادة تثبّت الانقسام، وشعب فقد صوته، تضيع القضية، وتتآكل الحقوق، ويزداد الاحتلال جرأة وقمعًا، لأنه يعرف أننا منشغلون ببعضنا أكثر مما ننشغل به.
إنّ حركة عدالة تؤكد أن الخلاص الحقيقي يبدأ من إرادة شعبية صلبة، تُجبر الجميع على الالتزام بخيار الوحدة كمسار إلزامي، لا كشعار للاستهلاك. فلا يمكن لأي مشروع وطني أن ينهض في ظل انقسام مستدام، ولا لأي مقاومة سياسية أو شعبية أن تكون فاعلة دون برنامج موحّد، وقيادة موحدة، وموقف فلسطيني
واحد.
إنّ استعادة الإرادة الشعبية، وبناء جبهة وطنية واسعة تتجاوز الفصائل، هو المدخل الحقيقي لإنهاء هذا الواقع، وإعادة القضية إلى مسارها الصحيح. أما بقاء الحال على ما هو عليه، فهو خيانة لدماء الشهداء وتضحيات الأسرى وحقوق الأجيال القادمة.
الكاتب من فلسطين