مذكرة موجهة إلى مجلس الأعيان الأردني الموقر : رفض قانون وقف حبس الأب الممتنع عن دفع النفقة إلا إذا اقترن بإنشاء صندوق النفقة

محي الدين غنيم  ……

 

مذكرة موجهة إلى مجلس الأعيان الأردني الموقر : رفض قانون وقف حبس الأب الممتنع عن دفع النفقة إلا إذا اقترن بإنشاء صندوق النفقة

أصحاب الدولة والمعالي والسعادة في مجلس الأعيان الموقر،
تحية طيبة وبعد،

يعرض أمام مجلسكم الموقر قانون وقف حبس الأب الممتنع عن دفع النفقة، وهو قانون يمسّ شريحة واسعة من نساء الأردن وأطفاله، ويؤثر بصورة مباشرة على الأمن الاجتماعي والأسري. ومن منطلق مسؤوليتكم الوطنية والدستورية في حماية المجتمع وصون السلم الأهلي، نضع بين أيديكم هذه المذكرة لبيان خطورة إقرار القانون بصيغته الحالية دون وجود صندوق نفقة فعّال.

أولاً: حماية الأطفال واجب وطني قبل أن يكون قانونيا

إن النفقة ليست مسألة خلافية أو تفصيلية، بل هي حق أصيل للطفل، يضمن له الغذاء والتعليم والعلاج والكرامة الإنسانية.

والتجربة القضائية في الأردن أثبتت أن حبس الأب الممتنع كان الوسيلة الأكثر فعالية لضمان الالتزام بالنفقة. وعند رفع هذه العقوبة دون توفير بديل، تصبح حقوق الأطفال عرضة للضياع، خصوصاً في ظل تهرّب بعض الآباء من مسؤولياتهم.

ثانياً: المطلقات يتحمّلن العبء كاملاً ويواجهن الفقر والديون

إن الأم الحاضنة التي تتحمل وحدها مسؤولية رعاية الأطفال تجد نفسها بسبب هذا القانون أمام أعباء مالية تفوق قدرتها وديون تتراكم كل شهر وضغوط نفسية واجتماعية كبيرة وغياب أي وسيلة حقيقية لإلزام الأب بحقوق أطفاله .

إن إقرار القانون دون ضمانة بديلة يُعد إضعافا للمرأة المعيلة التي تمثل إحدى أكثر الفئات هشاشة في المجتمع الأردني.

ثالثاً: التجارب الدولية أثبتت الحلّ الأمثل ؛ صندوق النفقة في

تونس ودول أخرى سبقتنا في هذا المجال، واعتمدت صندوق النفقة الذي يحقق معادلة العدالة من الطرفين:

1. يحمي الطفل والأم عبر صرف النفقة شهريا دون تأخير.

2. يلاحق الأب المتهرب عبر القنوات الرسمية، باعتبار أموال الصندوق أموالاً عامة.

3. يبقي هيبة القانون ويضمن عدم إفلات أي أب من مسؤولياته.

وهذا الحل يتوافق مع المعايير الدولية لحماية الطفل، ومع دور الدولة في دعم الأسر الأكثر حاجة.

رابعاً: إقرار القانون دون الصندوق يشكل خطرا على السلم الاجتماعي

إن حرمان آلاف الأطفال من النفقة سينعكس على: الاستقرار الأسري وزيادة نسب الفقر والتسرب المدرسي والمشكلات النفسية وحتى الجريمة والانحراف.

فالقانون، بصيغته الحالية، لا يحمي المجتمع بل يخلق فجوة خطيرة بين المسؤولية وبين القدرة على التنفيذ.

خامساً: التوصية

نهيب بمجلس الأعيان الموقر  ممثلاً لحكمة الدولة وخبرتها أن:

يرفض إقرار القانون إلا إذا اقترن بشكل واضح وصريح بإنشاء “صندوق النفقة”

الذي يضمن وصول النفقة للأطفال والمطلقات في موعدها، ويعطي الدولة القدرة على تحصيلها من الآباء الممتنعين.

إن وجود الصندوق ليس ترفاً، بل هو شرط أساسي لتحقيق العدالة، ومن دونه لا تكون حماية الطفل مضمونة، ولا تكون كرامة الأم مصانة، ولا تكون مسؤولية الأب ملزمة.

إن مجلس الأعيان كان وما زال صمام الأمان للتشريعات التي تحفظ الأسرة والمجتمع. والشعب الأردني ينتظر منكم موقفاً تاريخياً يثبت أن حقوق الأطفال لا تُختزل في نصوص… بل في قرارات تحفظ مستقبلهم.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا