الحرب التي لن تنتهي والانتخابات التي لن تأتي
بقلم د. تيسير فتوح حجه …..
الأمين العام لحركة عداله.
في زمنٍ تتبدّل فيه الخرائط ولا تتبدّل فيه العقول، يعيش الفلسطيني بين حربٍ مفتوحة بلا نهاية، وسياسةٍ مغلقة بلا بداية. حربٌ تتجدد كل يوم بشكلٍ مختلف؛ مرةً بالرصاص، ومرةً بالحصار، ومئات المرّات بالقرارات الضعيفة التي تذبح ما تبقى من الأمل.
نحن أمام حربٍ لا تشبه الحروب التقليدية. ليست معركةً على أرضٍ فقط، بل معركة على الوعي، على الإرادة، على القدرة على الصمود وسط انهيارٍ أخلاقي وسياسي واقتصادي يعيشه الواقع الفلسطيني. حربٌ فيها العدو يعرف ماذا يريد، بينما نحن ما زلنا نختلف على تعريف الهدف، وعلى من يحق له قيادة الطريق إليه.
وبينما تتواصل الحرب بلا توقف، تنتظر الجماهير انتخاباتٍ لا تأتي. انتخابات تحولت إلى شعار، وإلى وعدٍ مؤجل، وإلى شماعةٍ تُعلّق عليها الفصائل فشلها وتراخيها. فهل يمكن لحياةٍ سياسية مُعطّلة أن تلد شرعية حقيقية؟ وهل يمكن لشعبٍ يعيش أقسى الظروف أن يُحرم من أبسط حقوقه: أن يختار قيادته
ويحاسبها؟
الانتخابات ليست رفاهية، وليست حدثًا ترفيهيًا يزيّن الساحة السياسية. إنها أساس العقد الوطني، وبوابة إعادة بناء النظام السياسي، ومساحة المحاسبة التي تخشاها بعض القيادات أكثر من خوفها من الاحتلال نفسه. ولهذا، ولألف سببٍ آخر، أصبحت الانتخابات موعدًا بلا تاريخ، وكلامًا بلا فعل.
الحرب التي لن تنتهي والانتخابات التي لن تأتي… كلاهما يعبّران عن أزمة عميقة تعصف بالمشهد الفلسطيني: أزمة قيادة، وأزمة رؤية، وأزمة قرار. شعبٌ يملك القدرة على صنع المعجزات، لكنه محاط بقيادات تصنع الأعذار بدل الحلول.
الخروج من هذا المأزق يبدأ من الاعتراف بأن استمرار الحرب دون وحدة وطنية هو انتحار سياسي، وأن تعطيل الانتخابات هو جريمة بحق الشعب وحق المستقبل. ولا يمكن لحركة عداله، ولا لأي وطني شريف، أن يقبل بهذا العبث الذي يضرب صميم المشروع الوطني.
فإمّا أن نواجه الحقائق بشجاعة…
وإمّا أن نبقى ندور في حربٍ بلا نهاية، وننتظر انتخاباتٍ لن تأتي.
الكاتب من فلسطين