القطريون… أعانكم الله

بقلم العميد المتقاعد هاشم المجالي
………………
ما زلتُ كلما ذكرتُ قطرًا، ذكرتُ معها فضلًا لا يُنكر، وموقفًا لا يُنسى، ويدًا ممدودة بالخير لا تكلّ ولا تملّ. وإنّ في بعض البلاد رجالًا إذا ذكروا أضاءت بهم صفحات الأيام، فما ظنّك ببلدٍ بأسره قد جعل من نفسه مشكاة نور للعرب، ومحراب رحمة للمنكوبين؟

إنّ قطر —على صِغَرِها في الأرض، وعِظَمِها في المعنى— قد ضربت للناس مثلاً في الشهامة، وأقامت في النفوس برهانًا على أن المجد ليس بالمساحة يُقاس، ولا بالعدد يُعدّ، بل بما تُقدّم الأوطان من خير، وما تزرعه من عدل، وما تُفيضه من كرم.

وإنّي لأرى الدوحة اليوم، لا عاصمة لدولة فحسب، بل عاصمة معنوية للعرب جميعًا؛ قبلةً للمظلوم، وسندًا للمحتاج، وراحةً للقلوب حين تضيق بها الأرض بما رحبت. كم من قضية صدأت مفاتيحها، فإذا بقطر تلمّ شعثها، وتنفخ فيها روح الحياة، وتعيد إلى أهلها رجاءهم المطمور تحت ركام السنين.

ولقد تنزّه سمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني —حفظه الله— عن كل ما يفرّق العرب أو يشتّت شملهم؛ فاختار طريق الخير، وسار في دربه ثابت الخطى، لا يطلب على فعله جزاءً، ولا يرجو منه شكورًا. فهو كالساقي الذي يقف عند بيته ماء عذب، فلا يمنعه عن ظمآن، ولا يحجبه عن محتاج، وكالخبّاز الذي يمدّ يده في بيت النار ليُخرج للناس رغيف الرحمة.

إنّ قطر اليوم —بقيادتها وشعبها— كلمة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، يُحسَب لها ألف حساب، ويُشهد لها بأنها جعلت من العطاء رسالة، ومن العروبة عهدًا، ومن الكرامة منهجًا لا يتبدّل.

فحفظ الله قطر، وأدام عليها نعمته، ورعى أميرها الشهم الذي رفع لها ذكرًا، وأضاء بها دربًا، وجعلها في قلب كل عربي وطنًا ثانيًا لا تغرب شمسه ولا يغيب فضله.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا