**(جوهرة الكون وسيدة الفطرة)**

عبد الإله عبد القادر الجنيد
______________

الحمد لله العلي الأعلى الذي قدَّر فهدى فاصطفى من مخلوقاته وعباده من يشاء واختصهم بالاجتباء وخصهم بالفضل العظيم والعطاء، فكذلك هو الاصطفاء.
إنها سنة الله التي بها قضى ولعباده رحمة منه ارتضى، فلا تبديل لها ولا تحويل، وعلينا الطاعة والتسليم والولاء.
فكما فضَّل من ملائكته الروح، ومن الروح جبريل وميكال، وفضَّل سهيل والثريا من النجوم، وفضَّل جبل أحد على سائر الجبال، واختص مكة وجعلها أم القرى، والمدينة وجعلها أم المدائن، واختص الذهب والفضة على سائر المعادن، ومن الأحجار الدر والياقوت والمرجان، واصطفى من الحشرات النحلة فأخرج من بطونها ما فيه للناس شفاء وأطيب غذاء.
ولم يكن الإنسان بمنأى عن سنة التفضيل والاصطفاء،
فقد خص الإنسان بالإجلال والإكرام وأسجد له الملائكة الكرام، فاصطفى من بني آدم الرسل والأنبياء، وخاصته من عباده النجباء والأولياء، وأعلام الهدى.
ثم اصطفى من أنبيائه خيرهم وأشرفهم وأعظمهم مقاماً عند الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، صلوات الله عليه وعلى آله الأتقياء. وتوجهوا بمقام خاتم الأنبياء، ثم اصطفى له ابن عمه وأخيه علي المرتضى وزيراً ووارثاً للدين وسيد الأوصياء، ومن بعده ذريته من علي وفاطمة الزهراء، أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وأورثهم القرآن ليكونوا قادة للأمة وأعلاماً للهدى.
وكذلك اصطفى للأمم سادة أصفياء، فقال عنهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: علي سيد العرب، وسلمان سيد الفرس، وصهيب سيد الروم، وبلال سيد الحبش.
وفي النساء اصطفى الله سبحانه وتعالى نماذج للطهر والعفاف وزكاء النفس والنقاء والجهاد والإنفاق والبذل والعطاء والصبر على الابتلاء، فضرب الله مثلاً للأم بأم موسى والسيدة مريم العذراء، وللزوجة بامرأة فرعون وخديجة الكبرى، والأخت بأخت موسى وزينب الحوراء، وللبنت بفاطمة البتول الزهراء بضعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لتكون صاحبة المقام العظيم، وجوهرة الكون، وسيدة نساء العالمين في الدنيا والآخرة.
إنها بضعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بل إنها بضعته، فهي جزء منه تتأثر بما يتأثر به، فتبكي إذا بكى، وتفرح إذا فرح، وتحزن إذا حزن، وتتألم إذا تألم، إذا قام لله قامت، وإذا سجد سجدت، وإذا أنفق أنفقت، وإذا زكى زكت، وإذا مات ماتت.
فلما انتقل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى، ما كان لبضعته أن تحيا بدونه، فكانت أول من يلحق به من أهل بيته.
لم يسمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأم أبيها لأنها حلت محل أمه بحنانها وعطفها ومحبتها ورعايتها لأبيها فحسب، بل لأنها مثلت الفطرة الحقيقية التي فطر الله الإنسان عليها، لم تتأثر بمتغيرات الدنيا، ولم تدنس فطرتها بأهواء ورغبات الدنيا.
ظلت على فطرتها السليمة لأنها منذ ولدت نشأت في حضن أمها خديجة الكبرى، وحظيت برعاية وحنان وتربية والدها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الإسلام ومنهج القرآن، فطرة الله التي فطر الناس عليها، ولذلك فهي سيدة الفطرة.
وفي ذكرى ميلاد فاطمة الزهراء واليوم العالمي للمرأة المسلمة، طوبى لمن أسلم وجهه لله وآمن وأتقى وبآيات الله التي في كتابه تتلى سمع وأطاع، وبأمر الله امتثل، ولفضله شكر، ولآياته تذكر فاعتبر، فازداد إيماناً وتسليماً وأطاع ربه ولأوليائه أطاع وامتثل.
فصلوات الله وسلامه عليها في الأولين وفي الآخرين، وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين، وعلى أبيها وأمها وبعلها وابنيها، وعلى بضعتها وفلذة كبدها زينب الحوراء.
السلام عليك يا مولاتي كوثر أهل المودة الأتقياء. السلام عليك يا جوهرة الكون وسيدة الفطرة، يوم ولدت ويوم مماتك ويوم تبعثين حية في موكب العظماء.
فهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، والله واسع عليم.
**والحمد لله رب العالمين.**

========
*اللهُ أَكْبَرُ*
*الْمَوْتُ لِأَمْرِيكَا*
*الْمَوْتُ لِإِسْرَائِيلَ*
*اللَّعْنَةُ عَلَى الْيَهُودِ*
*النَّصْرُ لِلْإِسْلَامِ*

الكاتب من اليمن

قد يعجبك ايضا