حقوق الإنسان وواقع الشعب الفلسطيني
بقلم : المحامي عمر محمد زين ….
حقوق الإنسان تشكّل حجر الزاوية لأي مجتمع يسعى للعدالة والكرامة، فهي الضمانة الأساسية لحماية الأفراد من الانتهاكات، وتؤكد على حرية الفكر والتعبير والمساواة أمام القانون. كما أنها تمثل إطارًا قانونيًا وأخلاقيًا يُمكّن المجتمعات من بناء نظم عادلة، ويجعل حماية المواطن مسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع المدني، إضافة إلى كونها معيارًا عالميًا يُقاس به مستوى تحضر الشعوب ونضجها السياسي.
للأسف نقول اليوم في 10 كانون الأول 2025 بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان أن الواقع على الأرض بالنسبة للشعب الفلسطيني يعكس فجوة كبيرة بين هذه الحقوق النظرية وما هو مطبّق فعليًا. فالحقوق الأساسية، مثل الحق في الحياة، التعليم، الصحة، والتنقل، الغذاء، المياه…. تتعرض لانتهاكات مستمرة بسبب الاحتلال، القيود على الحركة، والاستيطان غير القانوني، إضافة إلى انتهاك حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة. لا تؤثر هذه الانتهاكات اليومية على الأفراد فقط، بل تهدد النسيج الاجتماعي بأكمله، وتخلق جيلًا يعيش في خوف دائم، ويعاني من صعوبات في الوصول إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة، ما يجعل الدفاع عن حقوقهم أمرًا عاجلًا وضروريًا.
إن المجتمع الدولي، من خلال المواثيق الدولية مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقيات جنيف، يتحمّل مسؤولية حماية المدنيين الفلسطينيين وضمان حقوقهم، بما يشمل الحق في الحماية من التمييز والعنف. ويقتضي هذا الالتزام التدخل الفعلي لمنع الانتهاكات، وتقديم الدعم القانوني والإنساني، والضغط على الجهات المسؤولة لضمان احترام القوانين الدولية، بما يعكس التزام المجتمع الدولي بالمبادئ الإنسانية التي أعلنها منذ عقود. من هنا تبرز ضرورة المساءلة والمحاسبة عن الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني وكل فردٍ من السلطة يقوم بالانتهاكات المستمرة.
إن الدفاع عن حقوق الفلسطينيين ليس مجرد موقف سياسي، بل واجب قانوني وإنساني، يقتضي دعم العدالة والمساءلة، والعمل على إنهاء الانتهاكات وحماية المدنيين. فكل جهد يُبذل في هذا الإطار يعزز القيم الإنسانية ويثبت أن العدالة الدولية ليست حلمًا بعيدًا، بل هدفًا قابلًا للتحقيق إذا توفرت الإرادة السياسية والقانونية، كما أن دعم حقوق الفلسطينيين يمثل خطوة ضرورية لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة بأسرها.
علينا جميعًا، دولًا ومؤسسات ومنظمات، العمل بلا كلل لضمان أن يعيش الشعب الفلسطيني في كرامة، وأن تتحقق له حقوقه كاملة، وفقًا للمعايير الدولية والمواثيق القانونية. فالالتزام بحقوق الإنسان ليس مجرد واجب أخلاقي، بل ضرورة عملية لتحقيق العدالة، ويجب أن تكون محور أي جهود لإنهاء الصراع، وإرساء السلام الدائم، وحماية الكرامة الإنسانية لكل فرد دون تمييز، بما يعكس حقيقة أن حقوق الإنسان ليست خيارًا بل أساس لأي مجتمع متحضر.
أمين عام اتحاد المحامين العرب (سابقاً)