الشتاء على غزة… خيرٌ مكروه على شعبٍ مكلوم وعدالةٍ منقوصة

بقلم د. تيسير فتوح حجه  …..

الأمين العام لحركة عداله.
ليس الشتاء عدوًّا، فهو في أصله رحمةُ السماء، لكنه حين يحلّ على غزة يصير خيرًا مكروهًا، ينزل على خيامٍ لا تصدّ ريحًا ولا مطرًا، وعلى شعبٍ أنهكته الحرب، وتركته السياسات المتخاذلة مكشوفًا أمام البرد كما تركه الاحتلال مكشوفًا أمام النار.
يسقط المطر في أماكن أخرى بركةً وسقاءً، أمّا في غزة فيتحوّل إلى سيولٍ تقتحم خيام الفقراء، وتغرق ما تبقّى من كرامةٍ ومنزلٍ وذكرياتٍ ناجية من القصف. هناك، كل قطرة مطر تذكيرٌ بأن العدالة منقوصة، وأن من يفترض بهم حماية الناس تركوهم فريسةً للشتاء والاحتلال والوعود
الفارغة.
غزة لا تحتاج خطابات ولا لجانًا مؤقتة، بل تحتاج قرارًا شجاعًا ومسؤولية وطنية تعترف بأن الإنسان أولى من الحسابات، وأن الكرامة ليست بندًا يُؤجَّل. الشتاء يكشف المستور: يكشف غياب البنية التحتية، وتراكم الفشل الإداري، ويكشف أيضًا أولئك الذين جعلوا الناس ينتظرون رحمة السماء بدل رحمة أصحاب القرار.
ومع ذلك، يبقى أهل غزة أصدق شهادة على الصبر والصلابة. يقفون في وجه الطبيعة كما وقفوا في وجه الاحتلال، متمسكين بما تبقى من حياة، وبإيمانٍ لا ينطفئ. لكن واجبنا الوطني والقانوني والأخلاقي أن نقول بوضوح:
إن تركَ الناس تحت المطر بلا مأوى هو جريمة صامتة، وإن استمرار هذا المشهد هو إدانة لكل مسؤول تجاهل صرخة الشعب.
الشتاء سيزول، لكن أثره سيبقى شاهدًا على ظلمٍ مضاعف لشعب مكلوم… وشاهدًا على عدالةٍ تأخرت حتى أصبحت منقوصة.

الكاتب من فلسطين

قد يعجبك ايضا