فادي السمردلي يكتب: الإصلاح الاقتصادي الحقيقي يبدأ من جيب وحياة المواطن لا من المنابر
بقلم فادي زواد السمردلي …..
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
الإصلاح الاقتصادي ليس بيانًا حكوميًا يُتلى في مؤتمر، ولا حزمة أرقام براقة تُعرض على الشاشات لتلميع الواقع الإصلاح الحقيقي يبدأ حين يتوقف المواطن عن عدّ القروش قبل دخوله المتجر، وحين لا يضطر الموظف لأن يسأل نفسه آخر الشهر إن كان سيشتري الدواء أم سيدفع الإيجار والإصلاح ليس ورقة عمل تُكتب في مكاتب مكيفة، بل إحساس يومي يلمسه الفقير قبل الغني، ويظهر في الأسعار قبل أن يظهر في التقارير، ويتجسد في حياة الناس لا في تصريحات المسؤولين.
ما جدوى أن تتحدث الدولة عن “نمو” بينما المواطن يزداد اختناقًا تحت ثقل الغلاء؟ وما قيمة أي “تحسّن اقتصادي” إذا كان الفقير لا يرى منه إلا مزيدًا من المتاعب؟ الإصلاح الذي لا ينعكس مباشرة على قدرة المواطن على شراء حاجاته الأساسية، ولا يخفّف من عبىء فواتيره، ولا يعيد وزنًا حقيقيًا لراتبه، هو إصلاح ناقص، بل هو خداع ملوّن يُدار بعناية ويُسوق للناس كإنجاز بينما الواقع ينطق بالعكس تمامًا فالمواطن البسيط ليس مهتمًا بالتعقيدات الاقتصادية، هو يريد فقط أن يعيش بكرامة دون أن يتحول يومه إلى معركة بقاء.
الخطأ الأكبر الذي ترتكبه سياسات اقتصادية كثيرة أنها تنظر إلى المواطن كرقم في معادلة لا كإنسان يلزمه أن يأكل ويعالج أولاده ويدفع التزاماته دون أن ينهار نفسيًا وماليًا ولهذا تصبح الخطط الاقتصادية مجرد نظريات جميلة إذا لم تترجم إلى وضع يُشعر الفقير أنه لم يعد وحده في ساحة الصراع، وأن الدولة تمد له يدًا حقيقية، لا يدًا تلوّح بالشعارات من بعيد فالفقير لا يحتاج خطابًا اقتصاديًا متقنًا بل يحتاج سعرًا أقل، خدمة أفضل، راتبًا يُشبه جهده، وسوقًا لا تفترسه.
لا يمكن لأي إصلاح أن يُسمى إصلاحًا ما دام الفقير يدفع الثمن دون مقابل، وما دام المواطن لا يشعر بفرق واضح في حياته اليومية فالإصلاح الذي لا يلمس الأحياء الشعبية، والذي لا يغيّر واقع المواطن العادي في المواصلات، في الفواتير، في التعليم، وفي الغذاء، هو إصلاح بلا روح والدول التي تبني اقتصاداتها فوق هموم الفقراء ستكتشف لاحقًا أن هذا البناء هش، وأن أي إنجاز لا يشمل القاعدة الواسعة من المجتمع ليس إلا وهمًا مؤقتًا.
إنّ نجاح أي مشروع اقتصادي يبدأ من القاع وليس من القمة، من همّ المواطن لا من تصريحات المسؤول، من رغيف الخبز قبل ارتفاع الناتج المحلي، ومن قدرة الناس على الصمود قبل قدرة الحكومة على الإقناع.وعندما يشعر المواطن أن الإصلاح أنقذه من الغرق بدل أن يرفع عليه الموج، عندها فقط يمكن للدولة أن تعلن أنها تسير نحو اقتصاد حقيقي، إنساني، عادل، يصل أثره إلى الجميع.
باختصار، الإصلاح ليس كلمة، ولا هو قانون، ولا هو ورقة إستراتيجية لان الإصلاح الاقتصادي يُقاس بتعب المواطن حين يخفّ، وبقسوته اليومية حين تتراجع، وبأمله حين يعود وما دام المواطن لا يشعر بتحسن في لقمة عيشه، فكل حديث عن الإصلاح سيظل مجرد شِعر رسمي لا علاقة له بالواقع.
الكاتب من الأردن