ماهرُ الجنيد… حينَ انقلبَ التهجيرُ سلاحًا، وسقطَ الاستكبارُ في فخِّ بابِ المندب

عدنان عبدالله الجنيد …

 

المقدمة:
من جبلِ صَبَرَ الأشمّ، المطلِّ على خاصرةِ الجغرافيا ومفصلِ التاريخ، الحارسِ الأمينِ لبابِ المندب، ومفتاحِ الجنوب العربي، ومن قُرى الصَّراري؛ الحاضنةِ الصلبةِ للمشروعِ القرآني، وُلدَ الشَّهيدُ المُجاهِد ماهرُ منصورُ عليّ غالب الجنيد.
لم يكن المكانُ تفصيلًا عابرًا في سيرته، بل كان قدرًا استراتيجيًا.
فحين راح المجرمُ نتنياهو يصرّح—بذعرٍ مكشوف—أنَّ بابَ المندب في خطر، رسمَ خطته الكلاسيكية: اقتلاعُ الإنسان من الجبل، وتهجيرُ القرى، وتأمينُ الممرّ الملاحي بالقوّة الغاشمة.
غير أنّه لم يكن يعلم—ولا الاستكبارُ كلّه—أنَّ المُهَجَّر سيتحوّل إلى عقلٍ انشطاري، وعينٍ راصدة، وذراعٍ قاصفة، وبوصلةٍ ثاقبة… وأنَّ الجريمة ستلدُ نقيضها، وأنَّ الطاولة ستنقلبُ على من صمّمها.
هنا، لم يعد التهجيرُ كسرًا للإرادة، بل تفجيرًا للمعادلة.

ماهر… حينَ صارَ الاسمُ تقنيةً، والرَّصدُ إصابةً يقينيّة:

لم يكن ماهر اسمًا فحسب، بل توصيفًا دقيقًا لوظيفةٍ عسكريةٍ ومعرفية.
فالماهرُ هو الحاذقُ المتقن، والبارعُ الذي لا يُخطئ التقدير… وهكذا كان.
ارتبط اسمُه بمنظومة «راصد – قاصف»؛ حيث تزاوجت عينُ الاستطلاع الهادئة مع قبضةِ الهجوم القاطعة.
راصد يرسم المشهد، يحصي الأنفاس، ويقدّم الإحداثيات ببرودة العقل.
قاصف يوقّع القرار، ويحوّل المعلومة إلى نارٍ ذكيّة.
بهذا الالتحام بين المعرفة والنار، انتقلت المعركة من الفوضى إلى العلم، ومن ردّ الفعل إلى التحكّم بالميدان، ضمن معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس.

منصور… نصرُ البحر الأحمر وتوازنُ الرعب الجديد:

منصور ليس لقبًا بل قانونًا.
هو الاسم الذي يعني المؤيَّد، والغالب، والممدود بعنايةٍ إلهية.
في البحر الأحمر، تحوّل الاسم إلى واقعٍ عملياتي:
حاملاتُ طائراتٍ تحت الضغط، مدمراتٌ في حالة استنزاف دائم، طائرات MQ-9 تتساقط، ومنظوماتُ دفاعٍ غربية تُستنزف أمام أدواتٍ منخفضة الكلفة عالية الأثر.
ولم تكن هزيمةُ البحرية الأمريكية صدفةً ميدانية، ولا مغامرةً عاطفية، بل هزيمةً تقنيةً مكتملة الأركان.
تفوق العقلُ اليمني—بمرونته وتكيّفه—على الذكاء الغربي في واحدةٍ من أعقد البيئات القتالية: بحرٌ مفتوح، تشويشٌ إلكتروني، وأهدافٌ متحرّكة.
سقط وهمُ “التفوّق المطلق”، وتحوّل البحر الأحمر إلى مختبر فشلٍ أمريكي، وإعلانٍ صريح بأن توازن الرعب لم يعد حكرًا على الإمبراطوريات.
وهنا، كان الاسم يسبق النتيجة: منصور.

عليّ… من سيفِ ذي الفقار إلى صاروخِ ذي الفقار:

«لا فتى إلا علي، ولا سيف إلا ذو الفقار»
لكنَّ التاريخ—في اليمن—أعاد صياغة الشعار:
لا صاروخَ إلا ذو الفقار.
كما شقَّ السيفُ حصونَ خيبر، شقَّ الصاروخُ فضاءَ يافا وعسقلان والنقب وأمّ الرشراش.
العلوّ في الاسم، والعلوّ في المسار، والعلوّ في الإصابة.
لم يكن ذو الفقار مجرّد قطعة سلاح، بل رمز عدلٍ وقوّة، انتقل من ميدان العقيدة إلى منصّات الردع، ليعلن أن التاريخ إذا وُعِيَ… تكرّر لصالح أهله.

غالب… حينَ غَلَبَ الذكاءُ طغيانَ العصر:

﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ﴾
في الفتح الموعود، لم تنتصر الكثرة، بل غلب العقلُ العسكري اليمني:
صواريخ فرط صوتية، زوارق طوفان، مسيّرات ذكية، شبكات رصد بديلة، وحرب إلكترونية أربكت أعقد المنظومات.
غالب لم يكن اسمًا، بل عنوان مرحلة:
غلبةُ الإرادة على التكنولوجيا، وغلبةُ الإيمان على الاستكبار، وغلبةُ المعنى على الحديد.

الجنيد ….من الصرخة بالجبل إلى إغلاق البحر.
الجنيد… من مظلوميّة الصَّراري إلى إغلاقِ بابِ المندب:
الجنيد: تصغيرُ الجند، لكنّه تكبيرُ الأثر.
قلّةٌ مؤمنة، صنعت بيئة منع وصول (A2/AD) أربكت العالم.
ولم تكن مجزرةُ الصَّراري حدثًا عابرًا، بل الشرارة التي أخطأ العدو في تقدير نتائجها.
ظنّ أن الدم سيُخيف، وأن الإبادة ستكسر الإرادة، فإذا بالدم يتحوّل معرفةً عسكرية، وإذا بالمظلوميّة تصير صاروخًا ومسيّرة.
هكذا، انتصر الدمُ على السيف، وتحوّلت الجريمة إلى معمل ردع، وأُغلق بابُ المندب بوعيٍ لا بثأرٍ أعمى.

من صَبَرَ إلى نابلس… الجنيدُ قضيةٌ واحدة:
من جبل صبر إلى جبل النار – نابلس، الاسم واحد، والدم واحد، والمشروع واحد.
آل الجنيدي في فلسطين، كما آل الجنيد في اليمن:
شهداء، أسرى، ومطاردون، ومقاومة لا تنكسر.
هنا تسقط الجغرافيا، وتبقى وحدةُ القضية:
فلسطين… من البحر الأحمر إلى الضفة.

أبو هادي… حينَ تهدي القيادةُ السلاحَ إلى القدس:
أبو هادي: المرشد، الدليل، الهادي إلى الطريق.
كما أسّس السيد حسن نصر الله مدرسة الردع الواعي، والصبر الاستراتيجي، والحرب النفسية الدقيقة، استلهم اليمن هذا النهج:
صدق في الخطاب، دقة في الإصابة، وتأثير في الوعي.
هكذا تُحرَّر المقدسات:
بعقلٍ هادٍ… وسلاحٍ ذكي.
الخاتمة: الشهيدُ الذي صارَ فكرة
زفَّ يمنُ الإيمان والحِكمة أحدَ أبطاله:
الشَّهيدُ المُجاهِدُ ماهرُ منصورُ عليّ غالب الجنيد شهيدًا على طريق القدس، في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس نصرةً لغزّة.
وماهر—وقد ارتقى—لم يغادر الميدان، بل تناسخ في الفكرة؛سيبقى حاضرًا في كلِّ قاصفٍ يشقُّ الصمت،وفي كلِّ راصدٍ يفتح عين السماء،وفي كلِّ قرارٍ يُتَّخذ من موقع القوّة.
فالشهداء لا يموتون حين يُشيَّعون،
بل حين تُنسى أفكارهم…
وماهر، صار فكرةً لا تموت.
العهدُ للشهيد:
على دربك ماضون،وعلى نهجك ثابتون،
حتى تحريرِ المقدسات…وحتى يسقطَ الاستكبارُ من آخرِ طاولاته.

الكاتب من اليمن

قد يعجبك ايضا