الشعب يريد خبزًا وكرامةً ومؤتمنًا يقوده إلى الأمان والاستقرار
بقلم: د. تيسير فتوح حِجّة ….
الأمين العام لحركة عداله.
لم يعد مطلب الشعب الفلسطيني اليوم محصورًا في الشعارات الكبيرة التي أُنهكت من كثرة الترديد دون ترجمة حقيقية على أرض الواقع، بل باتت أولوياته واضحة وبسيطة في معناها، عميقة في دلالتها: خبزٌ كريم، وكرامةٌ مصانة، وقيادةٌ مؤتمنة تقوده نحو الأمان والاستقرار. هذه المطالب ليست ترفًا سياسيًا ولا رفاهًا اجتماعيًا، بل حقوقًا إنسانية أساسية سُلبت بفعل الاحتلال من جهة، وبفعل فشل المنظومة القيادية والإدارية من جهة أخرى.
لقد أثقلت الأزمات المعيشية كاهل المواطن، من بطالة وفقر وغلاء معيشة، إلى انعدام العدالة الاجتماعية وتآكل الطبقة الوسطى، في ظل سياسات اقتصادية عشوائية وفساد مستشرٍ وغياب للمساءلة. أصبح الخبز اليوم معركة يومية، لا لكسل الشعب أو عجزه، بل لسياسات أفقرت الناس وضيّقت عليهم سبل الحياة الكريمة.
أما الكرامة، فهي جوهر القضية. كرامة الإنسان الفلسطيني لم تُمس فقط على حواجز الاحتلال، بل جُرحت أيضًا حين أُهين المواطن في مؤسسات يفترض أنها وُجدت لخدمته، وحين غابت الشفافية وحلّ المحسوبية مكان الكفاءة، وحين بات الصوت الحر يُقصى بدل أن يُحتضن.
ويبقى الأخطر هو غياب المؤتمن؛ ذلك القائد أو الإطار الوطني الذي يضع مصلحة الشعب فوق كل اعتبار، ويعتبر السلطة تكليفًا لا تشريفًا، ومسؤولية لا غنيمة. فالشعوب لا تطلب المعجزات، بل تطلب قيادة صادقة، شجاعة في قول الحقيقة، عادلة في اتخاذ القرار، وقادرة على حماية السلم الأهلي وتعزيز الاستقرار الداخلي دون التفريط بالثوابت الوطنية.
من هنا، تؤكد حركة عداله أن الإصلاح الحقيقي يبدأ من إعادة الاعتبار للإنسان الفلسطيني، بوصفه الهدف والوسيلة، وأن أي مشروع وطني لا يضع العدالة الاجتماعية، ومحاربة الفساد، واستقلال القضاء، وتكافؤ الفرص في صلب أولوياته، هو مشروع محكوم بالفشل مهما كانت شعاراته براقة.
إن الأمان والاستقرار لا يتحققان بالقمع ولا بتكميم الأفواه، بل بالثقة المتبادلة بين الشعب وقيادته، وبسيادة القانون على الجميع دون استثناء، وبشراكة وطنية حقيقية تُقصي الإقصاء، وتجمع ولا تفرّق.
الشعب الفلسطيني قال كلمته بوضوح: نريد خبزًا بكرامة، وكرامة بلا خوف، وقيادةً مؤتمنة لا تخون الأمانة. وهذه ليست صرخة غضب عابرة، بل نداء حق، وعلى الجميع أن يسمع قبل فوات الأوان.