في الأمم المتحدة: دولة قطر تضاعف حجمها الخرائطي بخطاب أميرها
شمولية الخطاب في حديث تميم وتقزيم خطابات زعماء عالميين
تميم بن حمد … هدفك في المرمى ويشرفنا موقفك
التركيز على بناء الدولة ونبذ الشللية
ما خاب حمد حينما قدمك للحكم لتكمل الرسالة
عربي أنت يا تميم وتحكم قبضة يدك على سيف الشرف
حينما استمعت إلى حديث الأمير تميم بن حمد وخطابه الأممي وقارنته بغيره من الخطابات العربية تخيلت أن من يتكلم هو رئيس دولة عظمى تمتلك على مساحة الأرض خريطة تتضاعف بحجمها وتفوق حجم قارة بأكملها. هكذا يكون الحاكم المؤهل لحكم بلاده، وهكذا حوّل الأمير الشاب دور قطر لتكون في مصاف دولٍ تمتد أضعاف مساحة أرض قطر، فالعظمة لا تكون أبداً بامتداد الخريطة وإنما باتساع أفق من يقود البلاد.
لقد أصاب الأمير هدفه منذ بدء الخطاب، فحديثه تخطى عقدة الكره والحب إلى الواقع والتحليل ووضع اليد على الجرح فيما يتعلق بأحداث الزمان والمكان. وقد استثمر الأمير مدة تقل عن نصف ساعة في تلخيص ما يجري عالمياً وفق رؤية لم تخالطها أي ضبابية أو زيف.
بدأ الأمير حديثه حول التنمية والعدالة الاجتماعية، وهنا تناثرت الكلمات متممة واقع الحال في قطر، ومفسرة حلم الأمير في امتداد هذه العدالة عالمياً وبجهود دولية. لم يكن حديثه نرجسيّاً يمتدح إنجازاته، لكنه عرضها وفق اشتراكية أممية لا نظير لها. ولعلّ أبرز ما يترجم حديث الأمير هو واقع الحال في قطر التي يراها من حولها رغم صغر حجمها كبيرة بما استقطبت من كفاءات، وبما قدمت للمواطن القطري وللمقيم من حضارة إنسانية، تكللت بالحريّة التي ينشدها أي إنسان، وبالعدالة التي تدر الرخاء على قاطني البلاد. لم يخالف حقيقة الحال في قطر حينما طالب المجتمع الدولي بالتنمية والعدالة الاجتماعية، بل قدم النموذج القطري دون عرض مفصل ممل وظل حديثه عن إنجازاته تلميحاً لا تصريحاً، وهذا هو شأن الناجحين الروّاد في عالم القيادة والإدارة.
القلاقل والحروب كان المحور الثاني في حديث الأمير، ولعل أجمل ما في الحديث توازنه وتعامله مع الصراعات وفق نظرة بعيدة عن التحالفات لكنها لم تخرجه من دائرة الداعم للشعوب وللمظلومين وللحريات. فهو الذي تحدث بكل أريحية فكرية وعملية عن الذي يجري في المنطقة العربية وقدم نقده اللاذع لمن يسيرون في ركب الانتقائية في تطبيق العدالة والقانون الدولي. ثم عرض الأمير بصورة مميزة وجهة نظره لما يحدث من إبادات جماعية ولم يتوانى في طرح أهمية المسؤولية الأممية ودور الأمم المستقرة في تخفيف معاناة الشعوب خصوصاً حينما يتعلق الأمر بحكومات وممالك دكتاتورية تقيم قصور حكامها على جماجم أحرار الشعوب.
قدّم الأمير رؤيته للمؤسسة الأممية وبكونها قد قامت من اجل تحقيق أمن المجتمعات، وأنها منوط بها حمل وتجديد راية المسير في هذا الاتجاه ووفق قواعد التأسيس. كما أن الأمير تحدث باعتدال وتوازن حول الوضع السياسي في الشرق الأوسط مستعرضاً ما يجري وفق رؤاه ومبادئه التي يعيش من أجلها، ولا يعيش عليها ويتكسب بها. فهو واضح وصريح في طرحه للقضية الفلسطينية، وعند الحديث عن السلام نطقها بحرفية وصدق وقال بأنه ” لا يوجد شريك إسرائيلي للسلام” وهذا نقض لكل مسوّدات الاتفاق التي تبرم في الخفاء بين من يبيعون ويشترون باسم القضية الفلسطينية، وهو أيضاً دعم مميز لتيار المقاومة الشرعية. ثم وبكل جدارة وجرأة ركز الأمير على التطرف الديني الصهيوني، وتحدث عنه بلغة صريحة وثبات في المبادئ. فهو أصيل لم يجد أن واجبه إرضاء اللوبي الصهيوني بشتم التطرف الذي تتبناه بعض الجماعات المحسوبة على الإسلام كما فعل غيره من الزعماء العرب، بل أعطى الأولوية لنبذ التطرف الصهيوني وقدم للعالم رؤية واضحة ترفض تخصيص التطرف بما هو إسلامي. لقد خاطب العالم حول الإرهاب والتطرف وكان طرحه شموليّاً لم يستخدم فيه جلد الذات لإرضاء أمم تعودت أن تسمع في خطابات زعماء العرب جلداً للذات بدل تفسير الأمور وفق المنطق والعدالة وصواب التحليل.
القضية السورية لم تكن بمنأى عن حديثه، بل طرحها طرحاً وافياً لائماً للدول التي تتلاعب بمصير وأمن وسلامة هذا الشعب العربي. فهو يرفض عملية التهجير ويضع اللائمة على من يطيلون أمد الحرب لأغراضهم وطموحاتهم الخاصة. ثم يقدم فكرة للحل قد تتطور إلى مشروع يقف في وجه التحالفات التي تسعى لتدمير ما تبقى من سورية وقتل من لازال حيّاً من شعبها وتهجيره، إنها حقيقة أمير يؤمن بما جاء من أجله، ويرى ان يعمل بإخلاص من أجل تحقيق المصلحة الإنسانية العليا.
لم يتوانى الأمير في تسبيب تخلف واندحار رؤى السلام وعلل ذلك بإرادة الدول التي تسعى وفق أجنداتها لاستغلال ظروف المنطقة العربية وحالة عدم الركود والحروب التي تجتاحها، وطالب بصدق النوايا وتغليب مصالح تلك الشعوب على طموحات تجار الحروب والكوارث. فتحدث عن الملف النووي، وأصّل فيه بما ينبغي لكي يكون برنامجاً سلمياً يقدم للإنسانية ما تحتاجه لا أن يكون أداة إذلال للشعوب.
الأمير تكلم بوضوح حول وحدة اليمن، ملقياً في روع من يريدونها مقسمة أن سياسة قطر ستظل وفق خطط التوحيد ونبذ الفرقة والتقسيم. ثم ركز على نبذ الطائفية في العراق وطالب بأن يكون الجميع متساوين أمام القانون. كما وضح ما تراه دولته فيما يتعلق بحقوق الإنسان رافضاً قبول فكرة التساهل وتبرير ما يجري عالمياً من هضم للحقوق وازدراء للقيم الإنسانية النبيلة.
الأمير تميم خرج بخطابه وهيبة حديثه وعموم وشمول الرؤية ليقزّم خطابات أخرى، فكان تميم مثالاً للعربي المسلم الذي يضع مصلحة الأمة قبل مصالحه، ويرى أن حجم قطر هو بحجم هموم العالم بأسره إنسانيّاً وبحجم هموم أمته عربيّاً ودينيّاً.
بكل فخر يشرفنا موقفك وخطابك أيها الأمير، فبوركت وبورك ممشاك وثبت الله خطاك.
– See more at: http://www.rased.net/index.php/2012-10-31-18-15-25/2741-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D9%82%D8%B7%D8%B1-%D8%AA%D8%B6%D8%A7%D8%B9%D9%81-%D8%AD%D8%AC%D9%85%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%B7%D9%8A-%D8%A8%D8%AE%D8%B7%D8%A7%D8%A8-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%87%D8%A7.html#sthash.Msy6PRyx.dpuf
