ولي العهد السعودي: «نيوم» ستكون أول مدينة رأسمالية في العالم وسيتم إدراجها في أسواق المال أسوة بـ«أرامكو»
شبكة وهج نيوز : تناول الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، في مقابلة حصرية عددا من القضايا المتصلة ببرنامجه لتحديث السعودية، مثل مشروع مدينة «نيوم» العملاقة الذي أُعلن عنه هذا الأسبوع والذي تناهز تكاليفه 500 مليار دولار، والذي قال إنه سيطرح في الأسواق المالية، إلى جانب شركة النفط العملاقة «أرامكو السعودية» في إطار جهود المملكة لتنويع موارد الاقتصاد بدلا من الاعتماد على النفط.
وفيما يلي نص المقابلة بشكلها الأصلي، كسؤال وجواب:
س: هل الطرح العام الأولي لأرامكو السعودية مازال يمضي قدما؟
ج: نمضي صوب هدف 2018… لكن الإدراج مازال قيد البحث. ستُطرح الشركة للاكتتاب العام في 2018، العملية تضمي قدما.
س: هل تتوقعون جلب مستثمرين رئيسيين لمشروع «نيوم»؟ وهل تتوقع من بعض من المؤسسات العديدة التي أدارت المال للمملكة لسنوات أن ترد الجميل وتضطلع بدور؟.
ج: بالطبع ليس الاستثمار أن نستثمر معك اليوم لكي تستثمر معنا غدا. هذه فرص. أينما أتحنا فرصة جيدة فإن المستثمر سينشدها. أعتقد أنه في «نيوم» هناك بعض الفرص الاستثنائية وأعتقد أنه أمس على المنصة (خلال مؤتمر في الرياض) كانت هناك مجموعة من المستثمرين الرئيسيين من أنحاء العالم، وكانوا ملتزمين بجلب استثماراتهم إلى «نيوم» وهو ما أعلنوه أمس. يعلمون القطاعات التي يعتزمون دخولها. هناك آخرون كثيرون عدا من أعلنوا أمس. في 2018 سنسمع الكثير من تلك الإعلانات.
س: هل ستطرحون نيوم للاكتتاب العام؟
ج: بلا شك. سيجري طرح «نيوم» في الأسواق في نهاية المطاف. أول منطقة تطرح في الأسواق العامة. الأمر كما لو أنك تطرح مدينة نيويورك.
س: سيكون بالإمكان التوجه لشراء سهم في «نيوم»؟
ج: بالطبع، وسيمكنك أيضا تعيين مجلس الإدارة والمحافظ (الرئيس التنفيذي).
س: لا أعتقد أن هذا حدث في التاريخ من قبل.
ج: بلا ريب. أول مدينة رأسمالية في العالم… هذا هو الشيء الفريد الذي سيحدث ثورة في المدينة ونموها.
س: ما الجدول الزمني للقيام بذلك؟
ج: تخيل مجلس الإدارة يعينه الملاك والمحافظ يعينه المجلس. دوره سيقتصر على شيء واحد: النمو. بخلاف المدن الأخرى في العالم. كما في نيويورك، المحافظ يُعَين لتلبية حاجات معينة، من بينها النمو، لكن في «نيوم» لن يكون المحافظ مضطرا للتعامل مع أي من تلك المشكلات، فالنمو هو كل ما يشغل تفكيره.
س: ما النسبة التي ستملكها الدولة في «نيوم»؟
ج: عندنا سلطة «نيوم» و«شركة نيوم»… «صندوق الاستثمارات العامة» (الصندوق السيادي للمملكة) سيملك شركة «نيوم» بالكامل. ولن تُدرج في الأسواق حتى تختمر الفكرة بشكل كاف… قد يكون بعد 2030، وقد يكون قبل ذلك، لكن الفكرة والاستراتيجية هي طرحها في نهاية المطاف.
س: المستثمرون لا يحصلون على حصة في الشركة، يحصلون على الفرصة؟
ج: نعم، سواء في الصناعة أو الطاقة أو نمط المعيشة أو أي من القطاعات التي أعلنا عنها.
س: كيف ستختلف الحياة في «نيوم» عن باقي المملكة؟
ج: كما تعرفون، تقع «نيوم» بين ثلاث دول. لا تبعد سوى 3.5 كيلومتر عن مصر. في السيارة، لا تبعد سوى دقيقتين عن أقرب نقطة، ومن أبعد نقطة تبعد 20 إلى 25 كيلومترا في السيارة. الأمر مثل قيادة السيارة من مانهاتن إلى سوهو في نيويورك.
س: ما معنى الإسم ومن اختاره؟
ج: كانت لدينا أسماء كثيرة لنختار منها وجميعها كانت أسماء جيدة، لكننا لم نرد إسما من اللغة العربية أو اللاتينية أو أي لغة أخرى. أردنا شيئا يمثل الإنسانية عموما. كانت هناك مقترحات عديدة. أخذنا الأحرف الأولى للقطاعات التسعة الرئيسية وبعض المعالم الرئيسية في المنطقة ووضعنا هذا في كلمة «نيومستقبل» (NEOMUSTUQBAL) ثم اختصرنا الإسم لأنه طويل طويل ولذا جعلناه «NEOM». الاسم له وقع مستقبلي ومحمل بالمعنى في ذات الوقت.
س: هل هناك أي تغيير في «رؤيتكم»؟
ج: تتعلق «رؤية 2030» بالعديد من الفرص الكبيرة، وهكذا فـ«أرامكو» واحدة منها، و«نيوم» فرصة أخرى. لدينا مشروع البحر الأحمر، ومشروع القدية، ولدينا الكثير من المشاريع الصغيرة أيضا. لدينا العديد من المشاريع الضخمة التي سنعلنها في الأعوام القليلة المقبلة.
س: هل إدراج أرامكو مهم لتطور أسواق المال السعودية؟
ج: الفكرة ليست إعادة هيكلة الشركة بقدر ما هي انتهاز الفرص المتاحة التي لم نتناولها من قبل. لدينا قدرة عالية ولا نستغل سوى القليل منها. لا نستخدم سوى النفط، ولذا لدينا فرصة كبيرة لاستغلال قدراتنا في السعودية. في قطاع النفط، يوجد النفط وعمليات المصب والبتروكيميائيات، إلخ. في الغاز، مازلنا نكتشف أشياء كثيرة في البحر الأحمر. وأيضا السياح، نعتقد أننا نستطيع الوصول لأكثر من 40 مليون سائح في 2030. ثلاثون مليونا سيأتون إلى مكة والمدينة، وسيكون لدينا عشرة ملايين للترفيه أو المواقع التاريخية أو سياحة رجال الأعمال. أربعون مليونا رقم كبير. اليوم لدينا 15 مليونا، وهذا ضخم أيضا. لا نبدأ من الصفر ولدينا قدرة كبيرة على الاستثمار في هذا.
كما ان لدينا الكثير من المعادن غير المستغلة في السعودية. أكثر من 90 في المئة من المعادن، قد تصل إلى 95 في المئة وهي ليست أي معادن. ذهب غير مستغل، بقيمة تتجاوز 240 مليار دولار، وفضة بأكثر من 150 مليار دولار. لدينا إذن معادن نفيسة بأكثر من تريليون دولار. أكثر من تريليون دولار من المعادن، والآن نكتشف أشياء كثيرة ونضع العديد من البرامج لتحديد قيمة المعادن التي لدينا في المملكة بدقة. هل نستطيع أن نصل إلى تريليوني دولار، هل نستطيع أن نتجاوز ذلك داخل السعودية؟ لكن الآن لدينا أرقاما كثيرة فوق التريليون دولار. ستُعلن في غضون شهرين ضمن البرنامج الصناعي السعودي.
«النقل قطاع مهم – البحري والجوي والبري. هناك مشاريع ضخمة في هذا الصدد، مثل جسر الملك سلمان الذي سيربط آسيا وافريقيا. البحر الأحمر تمر به عشرة في المئة من التجارة العالمية ونحن لا نقدم أي خدمات. فرص ضخمة. شبكة نقل وكثافة نقل ضخمة تعبر الأجواء السعودية دون أن ننال حصتنا العادلة. لذا لديك فرص ضخمة في النقل.
عندنا أيضا قطاعات أصغر هنا وهناك. رقم ستة، لدينا المكون المحلي. نستورد سلعا قيمتها 200 مليار دولار. لمزيد من الدقة، أكثر من 200 مليار دولار تغادر المملكة سنويا. البند الأول من ذلك هو للصناعات العسكرية، 60 مليار دولار. البند الثاني السياحي، أكثر من 20 مليار دولار. القطاع الثالث هو السيارات. هدفنا هو إنفاق نصف ذلك القدر داخل المملكة بحلول 2030. سيولد هذا فرصا هائلة وإمكانيات لإقامة صناعات جديدة في المملكة: في الصناعات العسكرية، في تجميع السيارات، في السياحة، في أشياء عديدة. ولذا فالمكون المحلي قطاع مهم جدا. رقم سبعة هو الاستثمار: شتى عمليات الخصخصة من أرامكو إلى المطارات وحتى الأندية الرياضية. هناك برنامج خصخصة ضخم سيولد سيولة هائلة ستذهب إلى صندوق الاستثمارات العامة وستُضخ في فرص عظيمة داخل السعودية وخارجها.
س: هل ستطلبون من الشركات التي كسبت المال في السعودية على مدى سنوات استثمار بعضه هنا؟
ج: لا نريد اعتصار المستثمرين. إذا عجزنا عن طرح فرص جيدة في السعودية، فهذا يعني أن أحدا لن يأتي. نعتقد أن لدينا فرصا عظيمة حقا في السعودية. نريد أن نبلورها وأن نستثمر في أنفسنا وأن نسمح للناس من جميع أنحاء العالم بالاستثمار فيها. بالطبع نقول للمستثمرين: لا نريدكم أن تستثمروا لمجرد نيل العوائد المالية. نريد أن نبتكر أشياء جديدة، نريد أن نجعل الأشياء تتحقق. هذا هو ما نصنعه بصندوق «رؤية سوفت بنك»، البالغة قيمته 100 مليار دولار، أكبر صندوق تكنولوجيا في العالم بأسره. فهو يجعل الأشياء تتحقق لشتى الشركات في أنحاء العالم، لأن لها حصصا في تلك الشركات، ولهذا السبب نجعل الأشياء تتحقق. نفعل الشيء نفسه مع «بلاكستون»، أضخم صندوق خاص للبُنية التحتية في العالم، 50 مليار دولار وبنسبة عائد على الاستثمار 14 في المئة. هذا هو ما نتوقعه. نقوم باستثمار معقد ضخم لربط الأشياء جميعها معا. نريد إنشاء قطاعات جديدة، أشياء جديدة، على نطاق كبير بأموال كثيرة.
«صندوق الاستثمارات العامة» يصنع دورا جديدا في عالم الاستثمار. قبل الصندوق، كان امتلاكه لأموال كثيرة يعني دخلا منخفضا. فلسفتنا ونهجنا هو أنه بأموال كثيرة يمكنك إنشاء صناعة جديدة، بما يعني أموالا كثيرة. وهذا هو السبب في أننا حققنا ربحا نسبته 20 في المئة مع «سوفت بنك» في خمسة شهور، وهذا هو السبب أننا أسسنا صندوقا بقيمة 50 مليار دولار مع «بلاكستون» من المتوقع أن يحقق ربحا بنسبة 14 في المئة، وينشيء مجالات مختلفة واستثمارات مختلفة، وهذا هو السبب في مجيء «بلاكستون» و»بلاك روك» هنا.
س: هل مازلتم واثقين في تقييم أرامكو السعودية عند تريليوني دولار؟
ج: أعلم أن جدلا كبيرا ثار بخصوص هذا الموضوع، لكن الصواب في نهاية الأمر هو ما سيقرره المستثمر. لا ريب أن أكبر طرح أولي في العالم يجب أن ترافقه الشائعات. إذا نظرنا إلى أكبر طرح عام أولي قبل «أرامكو»، طرح «علي بابا»، فقد رافقته شائعات كثيرة. وفي النهاية أثبت المستثمر و«علي بابا» خلاف ذلك. «أرامكو» ستثبت جدارتها على أرض الواقع يوم الطرح الأولي.
في الحقيقة عندما تكلمت عن التقييم قلت حوالي تريليوني دولار، وهو قد يزيد على تريليوني دولار. لذا عندما أقول تريليوني دولار فذلك يعني أن نضع أنفسنا في موقع ونخسر بضع مئات المليارات.
س: هل سيتقرر تمديد اتفاق «أوبك» مع المنتجين الآخرين لنهاية 2018؟
ج: نحن ملتزمون بالعمل مع جميع المنتجين من دول «أوبك» ومن خارجها، لدينا اتفاق عظيم وتاريخي… سندعم كل ما يمكن أن يحقق استقرار العرض والطلب على النفط. أعتقد الآن أن سوق النفط ابتلعت معروض النفط الصخري والآن نستعيد زمام الأمور مجددا.
س: تأثير الأزمة الخليجية القطرية أو حرب اليمن على «رؤية 2030» وثقة الاستثمار في السعودية؟
ج: قطر قضية صغيرة جدا جدا جدا. نحن ملتزمون جدا بسلامة بلدنا، بعيدا عن أي اضطرابات. سأقول شيئا واحدا، إن البلد الوحيد في الشرق الأوسط الذي يعود فيه سجل الأمن والاستقرار ذلك لمئة عام تقريبا هو السعودية.
السعودية تملك السجل الأفضل وقد أثبتت نفسها بقوة في كل مشكلة في الشرق الأوسط والعالم وتعاملت معها بل وازدادت قوة على إثرها.
س: ما أهمية البيع الجزئي لـ«أرامكو» ضمن «رؤية 2030»؟ في ضوء أن المملكة تستطيع جمع القدر نفسه أو أكثر في أسواق المال دون طرح «أرامكو» للاكتتاب العام، فما الرسالة التي توجهونها للعالم؟
ج: الحكومة ينبغي ألا تسيطر على القطاع الخاص. أنت توجَد الفرصة، توجِد المشروع، توجِد التطوير، وتسلمه إلى المستثمر وتبدأ في إنشاء شيء جديد. بالطبع ينبغي أن تدعمه لكي ينمو طوال الوقت، لأنه جزء من اقتصادك ولا يمكنك أن تتركه يفشل… في الواقع نحن متأخرون عن بلدان أخرى في الخصخصة، ولذا نحاول اللحاق بهم.
س: هل جسر نيوم في حاجة إلى موافقة إسرائيل؟
ج: لا، لا نحتاج إلى موافقة إسرائيل لأنه بين السعودية ومصر. بالطبع لا نستطيع سد ممر دولي ولذا سيؤخد في الحسبان ألا يسد الجسر الممر الدولي.
س: هل هو قريب من صنافير وتلك الجزر؟
ج: حتى الآن لم نقرر المكان الدقيق للجسر لكن هناك شعاب مرجانية رائعة هناك وهناك طبيعة خلابة، ولذا سيكون من الصعب للغاية وضع الجسر فوق تلك الشعاب، ولذا نحاول أن نضعه في المياه العميقة. سيكون عجيبة من عجائب العالم بناء جسر في مثل تلك المياه العميقة.
ملاحظة: «نيوم» هو اسم منطقة تجارية صناعية جديدة تخطط السعودية لإقامتها على مساحة 26.5 ألف كيلومتر مربع، وتمتد إلى الأردن ومصر، بتكلفة 500 مليار دولار يتم تمويلها من استثمارات خاصة وعامة. وستكون مجالاتها الرئيسية مشروعات ماء، وطاقة متجددة، وتكنولوجيا حيوية، وصناعات متقدمة، وخدمات سياحة وترفيه.
وتقع المنطقة بجوار البحر الأحمر وخليج العقبة وبالقرب من ممرات بحرية تجارية تستخدم قناة السويس وستكون بوابة لجسر الملك سلمان المقترح الذي سيربط بين مصر والسعودية.
وقال «صندوق الاستثمارات العامة» السعودي ان «نيوم» ستكون مملوكة للصندوق بالكامل، لحين إدراجها وستجذب استثمارات من شركات في قطاعات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الحيوية والصناعات المتقدمة والترفيه.
ولن تتبع المدينة الجديدة القواعد واللوائح المعمول بها في بقية السعودية التي تطبق أحكام الشريعة.
فالمدينة الجديدة ستوفر لسكانها نمط حياة أكثر تحررا، إذ تسمح بإقامة الحفلات الموسيقية والترفيه في منطقة نائية من المملكة.
المصدر : رويترز
