بيت الطاعة الأمريكي
مصطفى الصراف
أميركا تريد العالم كله في بيت طاعتها، ومن لا يدخل هذا البيت فهو عدو مبين تجب إزالته عن طريقها، وربما إزالته من الوجود كله متى تسنى لها ذلك.
وفي دخولها للمنطقة العربية في بدايات الخمسينات كاستعمار جديد كانت تعتمد على نظام الشاه في إيران كقوة ضاربة ذات وجود في المنطقة للضغط به كممثل لها على دول المنطقة المجاورة له، وقد لقب بشرطي الخليج، وتعتمد على الكيان الإسرائيلي الذي غرسته في المنطقة للضغط من خلاله على المنطقة المحيطة به شمالا، وكان هذان النظامان يمثلان فكي الكماشة على الدول العربية، وقد أدى هذا الضغط إلى دخول معظم دول المنطقة إلى بيت الطاعة الأميركي، بما في ذلك نظام أنور السادات في مصر اكبر دولة عربية، ولان سوريا رفضت الدخول في بيت الطاعة فان نظامها أصبح عدوا في نظر أميركا، ويجب الإطاحة به، وكذلك الوضع بالنسبة لإيران بعد أن قامت بها ثورة أسقطت نظام الشاه وخرجت عن بيت الطاعة الأميركية، فهي في نظر أميركا عدو، وراحت تبحث عن بديل له من دول المنطقة ليحل محل نظام الشاه كمساعد لإسرائيل لضرب كل من لا يدخل في بيت الطاعة الأميركي، وتمده بالدعم والسلاح، فحاولت أخيرا أميركا إدخال العراق في بيت طاعتها، ولكن العراق فضل أن يبقى مستقلا، لكن أميركا تأبى عليه ذلك وتريد ارغامه على الدخول في طاعتها، وإلا ستعتبره عدوا لها مثله مثل سوريا وإيران، رغم أن هذه الأنظمة الثلاثة لم تبدِ أي عدوان لأميركا، ولكن أميركا لا ترضى بصداقة أي نظام ما لم يكن صاغرا طائعا لأوامرها، فلا مجال لديها لإقامة علاقات معه قائمة على الاحترام المتبادل، فإما نظاما تابعا يأتمر بأوامرها، وإما عدوا يجب الإطاحة به، ولهذا بعد سقوط شاه إيران الموالي لها كشرطي للخليج، ظلت تعمل لإجهاض الثورة التي أطاحت به، والإتيان بنظام بديل كشرطي للخليج يساعد إسرائيل للهيمنة على دول المنطقة تحركه كيف تشاء، وهي تحتاج اليوم إلى نظام كهذا أكثر من ذي قبل، بعد أن بدأت حركات المقاومة حول الكيان الصهيوني تشتد وتعيق حركته التوسعية، وربما سيؤدي ذلك إلى شل حركته في سوريا والعراق، لذا أميركا تضرب حصارها على إيران، بل وتعادي من يصادقها، أو يقيم علاقات طبيعية معها كالاتحاد الروسي والصين.
إن الحراك العسكري الأميركي في المنطقة قد اشتد واخذ حالة الحرب المسلحة على الدول التي تقف عائقا دون هيمنة أميركا عليها تنفيذا لحلم الصهيونية العالمية في إقامة حكومتها العالمية بعد السيطرة على دول العالم.
لقد دفعت القوة المسلحة التي تتمتع بها أميركا إلى إصابة قادتها بجنون العظمة، فما عادوا يلتزمون بالنظام العالمي الذي اتفقت عليه دول العالم طوال عقود لفرض فرص السلام في العالم وتجنيبه ويلات الحروب، وليعم الأمن والسلم الدوليان، بل إن أميركا بالإضافة إلى تجارتها بالسلاح فإنها تقوم بتمويل الخلايا الإرهابية، وتدريبها وزرعها في جميع دول العالم الممانعة لهيمنتها، وقد احدث ذلك حالة رعب لشعوب العالم، وتهديدا لحركة اتصالاتها ومواصلاتها وحركتها السلمية، لذا لابد من الحجر على هذا التصرف، ووقف التعامل مع قادته لمنع هذا الانحراف.