أردوغان يقود محاولة حاسمة لإنقاذ تحالفه مع القوميين لتفادي «خسارة صعبة» في الانتخابات المحلية
وهج 24 : بعد أقل من شهر على إعلان زعيم القوميين الأتراك انهيار مباحثات التحالف مع حزب العدالة والتنمية الحاكم، التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الأربعاء، مع دولت بهتشيلي في محاولة أخيرة لإنقاذ التحالف ولو بشكل جزئي في محاولة لمنع احتمال خسارة الحزب الحاكم للبلديات الكبرى في البلاد والتي يسيطر عليها من قبل وصوله إلى الحكم عام 2003.
ويخشى حزب العدالة والتنمية خسارة البلديات الكبرى لا سيما إسطنبول وأنقرة وأنطاليا وبورصة بسبب صعوبة الانتخابات المقبلة التي تأتي في خضم أزمة اقتصادية تمر بها البلاد أدت إلى ارتفاع نسب البطالة والتضخم بشكل غير مسبوق، ورافقها انخفاض تاريخي لسعر العملة التركية.
وشكل حزبا العدالة والتنمية والحركة القومية «تحالف الجمهور» في الانتخابات البرلمانية والرئاسية الماضية، وهو ما ساعد أردوغان في حسم هذه الانتخابات لصالحه.
والشهر الماضي، أعلن بهتشيلي، انهيار التحالف الانتخابي مع العدالة والتنمية الحاكم، وذلك عقب الخلافات المتصاعدة بين الحزبين حول قانون العفو، وقال بهتشيلي: «لم يعد هناك مجال للتحالف مع حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية/البلدية المقررة في آذار/ مارس المقبل»، ورد أردوغان بالتأكيد على أن حزبه سيخوض الانتخابات بمفرده.
وخلال الأيام الماضية، بدأ حزب الحركة القومية بتحديد مرشحيه للانتخابات البلدية، وهو ما أثار مخاوف حزب العدالة والتنمية من انهيار فرص التحالف بشكل تام، ما استدعى الرئيس التركي لعقد لقاء مع زعيم القوميين في محاولة أخيرة لإنقاذ التحالف ولو بشكل جزئي بعدد من المحافظات الكبرى.
وعقب اللقاء الذي استمر لقرابة الساعة في القصر الرئاسي بأنقرة، قال عمر جيليك الناطق باسم حزب العدالة والتنمية إنه «كان لقاءا إيجابيا وبناءاً، نحن في نقطة إيجابية فيما يتعلق بتحالف بين الحزبين في الانتخابات المحلية المقبلة»، دون تأكيد ما إن تم التوصل لاتفاق في هذا الإطار أم أن المفاوضات سوف تستمر خلال الأيام المقبلة لحسم الأمر، لكنه أشار إلى احتمال عقد لقاءات أخرى بين الحزبين خلال الأيام المقبلة. وتحدثت وسائل إعلام تركية عن أن أردوغان طرح على بهتشيلي التوافق على مرشحين في عدد من المحافظات الكبرى فقط لضمان عدم فقدانها لصالح تحالف المعارضة، ومن بين هذه المحافظات، إسطنبول أكبر المحافظات من حيث عدد السكان، والعاصمة أنقرة، وأنطاليا، وبورصة.
وعملياً بدأت الأحزاب التركية المختلفة استعداداتها منذ أسابيع لخوض الانتخابات المقررة في آذار/مارس المقبل، وذلك من خلال ترتيب صفوفها الداخلية وبدء مباحثات عقد تحالفات انتخابية تساعدها على حسم البلديات الكبرة مع انعدام حظوظ أكبر حزبين في البلاد في إمكانية حسم البلديات الكبرى بمفردهم.
ويسلم حزبا العدالة والتنمية الحاكم والشعب الجمهوري المعارض بعدم قدرتهما على حسم هذه الانتخابات والفوز بالبلديات الكبرى دون عقد تحالفات انتخابية مع الأحزاب الأخرى التي قد تساعد أحد الطرفين على تعزيز حظوظه في الفوز بهذه الانتخابات التي تحمل أهمية كبيرة للحزب الحاكم والمعارضة على حد سواء.
ويعمل العدالة والتنمية على الحفاظ على تحالفه الذي عقده مع حزب الحركة القومية تحت اسم «تحالف الجمهور» والذي خاض من خلاله الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخيرة التي فاز فيها التحالف بنسبة لم تتجاوز الـ52٪ من أصوات الناخبين لكنها ضمنت لأردوغان البقاء في كرسي الرئاسة والحفاظ على الأغلبية البرلمانية من خلال التحالف عقب الفشل في الحفاظ عليها من خلال العدالة والتنمية فقط.
ونتائج الانتخابات التي جرت في حزيران/ يونيو الماضي كانت بمثابة تأكيد للحزب الحاكم بحتمية صعوبة تمكنه من حسم الفوز في البلديات الكبرى بمفرده، لا سيما بلدتي أنقرة وإسطنبول لما تحملانه من أهمية سياسية ورمزية إلى جانب أهمية إسطنبول الاستثنائية كونها تعتبر أكبر محافظة تركية من حيث عدد السكان حيث تضم قرابة سدس عدد الناخبين البلاد.
لكن المفاوضات مع حزب الحركة القومية (اليميني) هذه المرة تبدو أصعب بكثير من السابق، كون الحزب يعتبر حالياً بمثابة المنقذ للعدالة والتنمية ويعتبر نفسه العنصر الأساسي في حسم وصول أردوغان للرئاسة وضمان الأغلبية البرلمانية للحزب، وهو ما يعطيه أفضلية أكبر في التفاوض مع العدالة والتنمية المضطر على ما يبدو لتلبية كافة شروطه.
ويعمل العدالة والتنمية بقوة من أجل ضمان عدم خسارة البلديات الكبرى في الانتخابات المقبلة وذلك خشية أن يؤدي ذلك إلى خلافات بين البلديات الرئيسية في حال السيطرة عليها من قبل المعارضة وبين الحكومة والرئيس وهو ما قد يؤدي إلى اضطرابات سياسية في البلاد قد يقودها لانتخابات مبكرة.
وعلى الدوام كانت الانتخابات المحلية الاختبار الأسهل للعدالة والتنمية منذ وصوله للحكم قبيل 16 عاماً كونه سجل نجاحاً منقطع النظير في إدارة البلديات في عموم البلاد وتطوير خدماتها وهو ما لاقى استحساناً كبيراً من قبل المواطنين الذي منحوه أفضلية متزايدة في الانتخابات المحلية السابقة.
لكن هذه الانتخابات تأتي لأول مرة في وقت تمر فيه البلاد بأصعب أزمة اقتصادية في ظل حكم العدالة والتنمية، ويخشى أردوغان أن تنعكس على توجهات الناخبين الذين قد يتجهون إلى التصويت لصالح المعارضة بشكل أوسع من السابق كإجراء عقابي للحزب الحاكم، لا سيما وأن هذه الأزمة خلفت مصاعب متزايدة على حياة المواطنين قد تتزايد كلما اقترب موعد الانتخابات وذلك من حيث ارتفاع نسبة التضخم وزيادة الأسعار بشكل كبير وزيادة نسبة البطالة وغيرها من المشاكل التي تؤثر على توجهات الناخبين بشكل كبير.
المصدر : القدس العربي