هل حان وقت الطلاق مع الفلسطينيين؟
إن معالجة أنفاق حزب الله في الشمال، والتطورات التي لا يبلغ إلا عن قسم منها في الساحة السورية وفي السياقات الإيرانية الأبعد، وسلسلة الأحداث التي تتوقف فقط في فصول بالجنوب، وكذا أيضاً الأنباء عن عمليات احباط الإرهاب في أرجاء يهودا والسامرة، كل هذه تجسد وتيرة الأحداث الأمنية في دولة إسرائيل.
هذه تحديات لا ينبغي الاستخفاف بها، ومن الأهمية بمكان الاعتراف بأن أياً منها لا يشكل تهديداً على وجودنا. إسرائيل قوية على نحو بارز، وليس فقط أمنياً، وهي أقوى من كل تحدياتها. الجيش، المخابرات وجهاز الأمن وأجهزة الأمن الأخرى، تثبت مرة أخرى قدراتها الواضحة وتمنح الحكومة مهلة ومساحة مناورة لوضع استراتيجية سياسية. وبينما في معظم الجبهات يصعب على القيادة السياسية الشروع بمبادرة سياسية تغير ظروف الساحة، وبالتالي تنجر بردود الفعل وراء مبادرات الخصم. وفي جبهة واحدة، قدرة تأثيرنا فيها قريبة من المطلقة وتلك التي تشكل التهديد الحقيقي الوحيد للمشروع الصهيوني ـ فإن الحكومة لا تنجر وراء الأعداء، بل وراء لحم من لحمنا، قلة من الشعب والكنيست، ذات قوة شاذة في الائتلاف: مؤيدي الضم.
كمن شهد الكثير من معاني الاحتكاك بين الفلسطينيين والإسرائيليين في أرجاء «الضفة الغربية»، وكمن رافق سياقات اتخاذ القرارات على المستوى الوطني، فإني قلق من إمكانية أن تحقق هذه الأقلية نيتها المعلنة في تشريع ضم المناطق. ادعاؤها بأن في وسعنا أن نضمن «ضماً مثالياً» في الجانبين: ضم معظم الأرض مع أقلية فلسطينية، وتضييق التدهور الأمني وغيره للخطوة، لا ينجح في اختبار الواقع.
غادي شماني
إن قرار الكنيست بالضم بالتشريع، مهما كان حجم الأرض المضمومة، سيفسر في المنطقة وفي الساحة الدولية كقرار وطني لهجر استراتيجية المفاوضات ولتثبيت حقائق على الأرض بشكل أحادي الجانب، وطرق الباب على فراق مستقبلي عن الفلسطينيين. هذه الرسالة ستسحب البساط مما بقي من مبرر فلسطيني داخلي لمواصلة التعاون الأمني الذي يحظى بالثناء من الجيش والمخابرات الإسرائيلية، وسيخلق فراغاً أمنياً ستملأه عناصر عنيفة في أعمال الجريمة والإرهاب. وكرد على هذا التطور، أو انطلاقاً من النية لمنعه، لن يكون مفر من إعادة سيطرة الجيش الإسرائيلي على المنطقة بأسرها، بالملايين من سكانها الفلسطينيين، بحيث نكون نحن المسؤولين عن انهيار السلطة الفلسطينية، والتثبيت النهائي لحماس في قيادة الفلسطينيين.
وبالتالي، قبل التشريع المتسرع، فإن حكومة إسرائيل ملزمة بأن تأمر قيادة الأمن القومي بإجراء دراسة تشارك فيها عدة وزارات بشكل واسع وجذري لفحص آثار الخطوة على أمن إسرائيل: اقتصادها، وعلاقاتها مع جيرانها، ومكانتها الدولية، وغيرها. ولما كان الحديث يدور عن قرار يهدد بمس شديد للحلم الصهيوني لإسرائيل آمنة وديمقراطية ومع أغلبية يهودية متماسكة على مدى الأجيال، يجدر بنتائج الفحص أن تعرض على الجمهور بشفافية كاملة وأن تطرح في الانتخابات لحسمه أو باستفتاء شعبي.
وبالتالي، فإني شريك كامل في التحذير الذي يظهر ويسمع هذه الأيام في أرجاء إسرائيل: «من أجل أمن إسرائيل، حان الوقت للطلاق من الفلسطينيين. حركة قادة من أجل أمن إسرائيل بمئات أعضائها، كبار رجالات كل أجهزة الأمن في الماضي، تعرف عما تتحدث: من الحيوي البدء بعملية فراق مدني في ظل الحفاظ على السيطرة الأمنية إلى أن تأتي التسوية. حيوية صد مبادرات الضم عديمة المسؤولية. وهذا ما ينبغي عمله الآن.
يديعوت احرونوت ـ 9/12/2018